نحن نؤيد ونشجع انعقاد الحكومة، بل نؤيد ونشجع استمرار عملها في كل الظروف
الكلمة التي ألقاها نائب الأمين العام لحزب الله سماحة الشيخ نعيم قاسم في أسبوع الحاج موسى برجي والد الشهيد إبراهيم برجي، في مجمع سيد الأوصياء، في برج البراجنة،
وأبرز ما جاء فيها:
أولاً: أخلاقنا نتصرف من خلالها ليس في بيوتنا فقط وليس في شارعنا فقط، بل أيضًا في مجتمعنا، في ساحة الجهاد، وفي ساحة السياسة، وفي ساحة الإعلام وفي كل الساحات، هذه الأخلاق التي نحملها ليست للمساجد فقط ولا لبيوتنا إنما هي الأخلاق التي نريد أن نعممها في ساحة العمل، لذلك أقول بكل صراحة: نفتقر في لبنان إلى الأخلاق في السياسة، نفتقر في لبنان إلى الأخلاق في الإعلام، نفتقر في لبنان إلى الأخلاق في التعبير عن الاختلاف بين الأطراف المختلفة، لماذا لا نختلف بأخلاق؟! بأن تذكر ما لديك وأذكر ما لدي ونحاول أن نقنع بعضنا وأن نبرز الخلاف كما هو للناس بحقيقته! ولكن ما نراه هو كذب في السياسة وفي الإعلام وفي العلاقات، تجد من يتصدون للحديث عن المواقف المختلفة ينقلون عنك المواقف، ويلصقون بك المواقف، ويتحدثون نيابة عنك وكل كلامهم كذب بكذب ليس له أي أصل من الصحة، وأقول بكل صراحة: نحن ملتزمون في حزب الله بالأخلاق السياسية والإعلامية في علاقاتنا مع الآخرين وفي إعلامنا، لن نبث إشاعة، ولن نتكلم بغير الحقيقة، ولن نقول ما ليس موجودًا في الآخرين، ولن نشتم عندما نختلف في السياسة، وإنما نذكر الحقائق كما هي فالصدق منجاة، وهذا ما علمنا إياه الإسلام، حتى ولو ظن البعض أنه ربح بقلة أخلاقه لفترة من الزمن سيكتشف بعد ذلك أن دماره من قلة أخلاقه، وقد اكتشفنا وتبين لنا أن مصداقيتنا هي التي جعلتنا نقول الكلمة ويصدقنا الناس حتى ولو كانوا أعداءنا، أنتم تسمعون اليوم في الإعلام الإسرائيلي يقولون: إذا تحدث سماحة الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله فإننا نصدقه فيما يقول ولا نصدق المسؤولين عندنا إذا قالوا غير ذلك، هذا من نتاج الأخلاق والتربية الإسلامية.
المجاهدون لدينا عندما يواجهون التحديات والصعوبات يتصرفون بأخلاق في المعركة، لا يلحقون جريحاً ويجهزون عليه، ولا يتصرفون إلا بكل إنسانية، حيث نرى أنه من المناسب أن يكون هناك صلح وتفاهم وتعاون وإصلاح بين الناس نذهب إليه طالما أن الخلاف داخلي وطالما أن الخلاف هو بين متخاصمين، فنحن في الواقع ندعو إلى اعتماد الأخلاق السياسية لأنها هي التي تقرِّب وهي التي تفتح المجال أمام العلاقات الإيجابية بين الأطراف المختلفة.
ثانيًا: لعلَّ الحديث الذي يتم تداوله كثيرًا هو ملف النفايات وكيفية معالجته، أقول لكم بالفم الملآن: لسنا راضين عن معالجة ملف النفايات والحل الذي طُرح في مجلس الوزراء سكتنا عنه على غير رضا لأن الجميع من المسؤولين والناس سدوا الأبواب أمام كل الحلول المنطقية والمعقولة وفي كل الأحوال هي حلول مؤقتة لسنة أو لسنة ونصف، مع ذلك لم تُقدم الأمور بطريقة صحيحة من قبل من يتابعون الملف بالتفاصيل ولا أعني الوزير وإنما أعني كل الذين واكبوا هذا الملف، لأن الناس تكرارًا يقولوا لا لا لكل شيء حتى نجد أنفسنا أمام أسوأ الحلول ولكن لا حل آخر أسوأ منه أو أقل سوءًا.
ثالثًا: انعقدت جلسة الحكومة أخيرًا بعد طول غياب، والحمد لله أن استطعنا أن نجد مع المخلصين المخارج الملائمة لانعقاد جلسة الحكومة، ولكن نتمنى أن لا تبرز لنا عقبات من هنا وهناك بلا معنى وبلا فائدة حرصًا على استمرار هذا المرفق العام، وحرصًا أن يجتمع المسؤولون لتأدية مصالح الناس المتراكمة، نحن نؤيد ونشجع انعقاد الحكومة، بل نؤيد ونشجع استمرار عملها في كل الظروف وأن لا تتوقف من أجل مصالح الناس، بل أكثر من هذا ندعو إلى استثمار الأجواء الإيجابية التي أدَّت إلى انعقاد جلسة الحكومة لانعقاد المجلس النيابي، إذ لا يوجد أي مبرر منطقي أو قانوني لعدم انعقاد المجلس وهناك مصالح للناس متوقفة على انعقاده، في الوقت التي يمكن لهذا المجلس أن يشرِّع ويعالج الكثير من القضايا العالقة في البلد بانتظار أن تُفتح الأبواب لانتخاب رئيس للجمهورية، فقد تبيَّن بالدليل القطعي أن الملفات إذا ربطناها ببعضها فإننا ننجح بالتعقيد ولكننا لا ننجح بالحل، فخيرٌ لنا أن نسير بما هو قابل للحل بانتظار أن نتوصل للحلول الأخرى لكل ملف من الملفات.
رابعًا: لا بدَّ من تحية لوزير خارجية لبنان الأستاذ جبران باسيل على موقفه في اجتماعات العرب وفي اجتماعات منظمة العمل الإسلامي، لأن موقفه كان موقفًا متناسبًا مع جو لبنان المنقسم سياسيًا، وهو لم يمل إلى أي طرف من الطرفين وإنما حاول أن يُخرج لبنان من معمعة تصفية الحسابات الإقليمية، وبالتالي هذا الموقف هو موقف الحكومة اللبنانية ويفترض أن يُشكر عليه، ونحن لا نجد في هذا الموقف تأييدًا لنا دون غيرنا بل نجده موقفًا لم يؤيد أي طرف من الأطراف وإنما خرج بعيدًا عن الاصطفافات السياسية المختلفة.
خامسًا: سمعنا اليوم بالتفجير الإرهابي الذي حصل في مسجد في الإحساء، وهذا التفجير حصل ضد المصلين القائمين الساجدين والطائعين لله تعالى، هؤلاء الذي قاموا بالتفجير هم مجرمون حقيقيون، وهم على كل حال يصرحون عن أنفسهم ويفتخرون بما قاموا به سواء كان اسمهم القاعدة أو داعش أو النصرة أو كل أخوات القاعدة، هؤلاء يرتكبون الجرائم المتنقلة في كل الأمكنة في العالم، إلا ضد إسرائيل، لأن إسرائيل محيَّدة من قاموسهم، ولأن إسرائيل يمكن أن تنزعج منهم وهم لا يريدون إزعاجها إن لم نقل أنهم ينسقون بالتفصيل معها. داعش أزمة في المنطقة، وقلنا مرارًا وتكرارًا أنها أزمة، ولكن للأسف في الغرب وفي الدول الإقليمية المجاورة في الخليج وغيره لم يسمعوا لنا ولم يردوا علينا. نحن نستنكر هذا التفجير أشد الاستنكار ونطالب أن تتحمل السعودية مسؤوليتها في كشف الفاعلين وفي إنزال أقسى العقوبات بهم، هؤلاء يستحقون الإعدام وليس الشيخ نمر النمر رحمه الله الذي قال كلمة الحق. أما الغرب وتلك الدول التي ترعى هؤلاء المجرمين نقول لهم: كفى رعاية لهؤلاء لأنكم رأيتم بأم العين كيف فجَّروا في برج البراجنة وفي باريس وفي كل مناطق أوروبا والمنطقة من دون تمييز لأنهم جماعة ضد الإنسانية، جماعة لا يمكن أن يكونوا مقبولين، وأقول لكم أكثر من هذا: لمن يعتقد أن داعش قوية. داعش ليست قوية، هم الذين يعطونها ويسهلون لها ويدعمونها بالأموال والأسلحة والموقف السياسي، ولذلك قويت، لم يكن بإمكان داعش أن تحتل الموصل لولا أمريكا وتركيا والسعودية وقطر وكل هؤلاء الذين دعموها ، لم يكن بإمكان داعش أن تحتل الرقة لولا هذا الدعم الإقليمي الدولي المعطى لهؤلاء بكل التسهيلات والإمكانات وكل التسلح، ولكن انتبهوا أخيرًا أنها عبءٌ عليهم. على كل حال في رأينا أن داعش إلى أفول، وقد ارتدت الآن على مشغليها ولم يعودوا في موقع التحمل لآثارها وآثامها وجرائمها، وإن شاء الله تعالى تكون المرحلة القادمة مرحلة القضاء على هؤلاء المجرمين الذين عاثوا في الأرض فسادًا، والحمد لله على الإنجازات الكبيرة التي أنجزها مجاهدونا والجيش السوري والروسي وكل من ساعد من الإيرانيين وغيرهم في إبراز قوة هذا الخط وهذه المسيرة.