الكلمة التي ألقاها في حفل العشاء التكريمي الذي أقامته قناة المنار للمساهمين في مبنى القناة في 26/1/2015.
ومما جاء فيها:
الحمد لله هذا الإعلام الملتزم خطا خطوات مهمة إلى الأمام وإن شاء الله تعالى سنتابع هذه المهمة بكل حيوية وجهد وعناء للوصول إلى المستويات الأعلى في تقديم الفكرة وفي حسن التحليل وفي الاستفادة من كفاءات وخبرات مهمة تستطيع أن تعطي المواطن والمشاهد والمستمع الفكرة الصحيحة والدقيقة ليتمكن من أخذ المعلومة الصحيحة وتحليلها في آنٍ معًا.
على المستوى السياسي: نستطيع القول أن مشروع الشرق الأوسط الجديد انكسر وذلك أمام دفاع المقاومة وصمودها، وهذا أمرٌ واضحٌ للعيان، وإلا لكنا أمام مأزق كبير يشمل المنطقة بأسرها من البوابة السورية، ليس سهلًا ما حصل خلال السنوات الأربع الماضية في هذه المواجهة القاسية والعالمية من أجل إسقاط مشروع الشرق الأوسط الجديد، والحمد لله هذا الأمر تحقق، لذا اليوم اللاعبون الدوليون وعلى رأسهم أمريكا مرتبكين، وقد اختلطت عليهم الأمور، من ناحية الأدوات المستزلمة لهم والمأجورة من قبل هؤلاء سواء ما يسمى الجيش الحر أو جيش الإسلام أو المسميات الأخرى فشلت وتمزقت ولم يعد لها حساب ولا فعالية ويكاد وجودها يضمحل يومًا بعد يوم.
ومن ناحية أخرى الأدوات التشغيلية من التكفيريين لم تعد طيِّعة وخرجت عن السيطرة وتجاوزت الحدود المرسومة لها لمصلحة حدود أخرى تريد أن تستثمرها ، وهذا أيضًا فشلٌ آخر، ومن جهة ثالثة الدول الإقليمية التابعة والمحيطة بسوريا بشكل خاص قامت بكل مستلزمات الدعم وبذلت إمكانات وجهود كبيرة جدًا ولكن الحمد لله كل ما قدمته تبخر أدراج الرياح وليس هناك حضور حقيقي وفعال لما قدمته هذه الدول.
إذًا بمعنى آخر مشروعهم التدميري لسوريا الذي يعبر إلى الشرق الأوسط الجديد لم يعد قائمًا وهم الآن يبحثون عن كيفية تخفيف الخسائر. وبكل صراحة لم ينضج لديهم الحل السياسي وصحيح أنهم يتحدثون عن قناعتهم في الحل السياسي في سوريا ولكن هذا شعار لملْ فراغ، أما في الواقع فهم ضائعون لم ينضج لديهم الحل السياسي في المدى المنظور، فأمريكا حائرة بين داعش وحدود دورها وبين سوريا وصمودها وضرورة التعامل معها، وإلى أن تنقشع الأمور يبدو أننا سنكون في مرحلة مراوحة قد تطول أشهرًا وربما امتدت خلال بعض السنين.
الأمر الثاني: إسرائيل تجر الخيبات المتلاحقة، هي ليست خيبة واحدة هي خيبات متتالية، من تصاعد دور وقوة المقاومة ومشروعها, إلى الوضع الفلسطيني الذي سبَّب إرباكًا حقيقيًا لإسرائيل في هذه المرحلة ووضعها أمام محكات صعبة ومعقدة في العلاقة مع المجتمع الدولي، إلى فشل مشروع تدمير سوريا، إلى فشل الأدوات التكفيرية, وإلى احتمال إنجاز الاتفاق النووي الإيراني الدولي.
إذًا هذه الخيبات المختلفة أحاطت بإسرائيل، ووجدت أن أدواتها لم تؤدِ الوظيفة المطلوبة، من هنا جاء اعتداء القنيطرة على موكب لحزب الله، وهي محاولة لتأسيس معادلة جديدة، وتعبير عن مأزق الفشل في الاعتماد على الآخرين، والاعتراض بالنار على نمو قدرة ومكانة ودور المقاومة. رأوا أن التترس بالتكفيريين لم ولن يحمي إسرائيل فهم يتقهقرون ، وإسرائيل تواجه في الحقيقة مقاومة حزب الله الصلبة والفاعلة، وها هي بعد اعتدائها في القنيطرة تفقد توازنها الداخلي من خطوة واحدة خارج الحسابات الصحيحة، ما يدل على حماقة إقدام إسرائيل على خطوة لا يمكن أن تكون ناجحة في المعيار الذي وضعته المقاومة، سيستنتجون وأعتقد أنهم بدأوا بذلك أن عدوان القنيطرة هو عبء وفشل لإسرائيل، وليس خطوة إلى الأمام إنما هو خطوة إلى الوراء.
في كل الأحوال سيتابع حزب الله مقاومته، بعزيمة أكبر, وسيستمر بالإعداد والتجهيز، وسيكون حاضرًا دائمًا لخوض أي معركة محتملة في المستقبل، وسيكون في طليعة المشروع المقاوم، وسيعمل بكل جهد وتضحية وجهاد وفداء وعطاءات من أجل أن تبقى كرامة الأمة مرفوعة، وأن تبقى الإنجازات التي تحققت إشارات مرور مضيئة لإنجازات أخرى وإضافية، فدماء شهدائنا تعطي الزخم والدفع للمسيرة.
اليوم أصبح واضحًا للجميع إسرائيل والتكفيريون مشروع عدواني واحد، يتوزعون الأدوار لهدف أساس وهو تخريب المنطقة وتمزيقها وتجزئتها تمهيدًا لتبقى إسرائيل وحدها قادرة على أن تتربع على عرش الدمار لإدارة المنطقة بيدها بشكل مباشر. على كل حال نحن مقتنعون أن هذا الهدف الإسرائيلي لن يتحقق خاصة مع وجود المقاومة الإسلامية مع وجود حزب الله مع وجود معادلة: الجيش والشعب والمقاومة، هذه المعادلة التي أثبتت جدواها وجدارتها.
ها هو الجيش اللبناني في يقف بكل صلابة وشجاعة ووطنية ليقاتل التكفيريين في رأس بعلبك وفي تلك المنطقة، ويقدم الشهداء والتضحيات ويعلن استعداده للاستمرار، وهذا شرفٌ كبير، لقد ثبت اليوم كل ما نقوله دائمًا، كنا نقول أن الأزمة من إسرائيل وثبت ذلك، وكنا نقول أن التكفيريين مشروع إمارات متنقلة في المنطقة على حساب أهلها وعلى حساب حياتهم وثبت ذلك، وكنا نقول أن التآمر الدولي الإقليمي لا يحسب حسابًا لا للأوطان ولا للشعوب ولا للمكانة ولا للأخلاق، وثبت ذلك، كما كنا نقول بأن المواجهة والمقاومة والتعاون وثلاثي القوة هو الحل، وتبيَّن الآن أن كل الإنجازات هي إنجازات ثلاثي المقاومة، ولا توجد إنجازات أخرى عند أحد خارج هذا الثلاثي والذي نعتز به ونفتخر به، وهو سيبقى لا لأننا أطلقناه بل سيبقى لأنه موجود ولا شيء غيره في هذه الساحة، ونجد الصامتين الذين لا يعرفون ما يقولون كثُر بسبب جدارة هذه المنظومة المؤلفة من ثلاثي القوة.
المقاومة في خندق واحد مع الجيش اللبناني، والمشروع الذي نواجهه واحد، وإن شاء الله تعالى يكون النصر حليف هذا الاتجاه، وفي النهاية سينتصر الشرفاء وأصحاب الحق وأصحاب الأرض، شكرًا لكم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.