الموقف السياسي

حفل تخريج طلاب معاهد الآفاق في 14/11/2014

حفل تخريج طلاب معاهد الآفاق في 14/11/2014
ستشهد الفترة القادمة جملة من اللقاءات والحوارات بين أطراف لم تكن تلتقي سابقًا.

الكلمة التي ألقاها في حفل التكريم الذي أقامته معاهد الآفاق لطلابها الناجحين في الشهادة الرسمية في قاعة رسالات.

ومما جاء فيها:


أولًا: الحمد لله فقد هدأت عاصفة استيراد الأزمة السورية، بعد أن مرت ثلاث سنوات ونيف وتمكن لبنان من أن يخفف من انعكاساتها عليه، واستطاع أن يتحمل الجزء الأقل من سلبياتها بفعل عوامل متعددة وخاصة أن الرهانات التي كانت على تغييرات معينة يمكن أن تحصل في سوريا بالاتجاه السلبي قد سقطت، وبالتالي فشل الرهان الأمريكي الإسرائيلي التكفيري أن يأخذ سوريا حيث يريد، وهذا طبعًا إنجاز كبير، وثبت هنا في لبنان أننا عندما نكون موحدين في النظرة إلى الأخطار وإلى القضايا المختلفة فإن بإمكاننا أن ننقذ لبنان، ونتفادى البؤر الأمنية ومخاطرها وهذا ما حصل، فلم يكن للعاصفة التكفيرية الآتية إلى الشمال إلاَّ أن مرت بأقل مضاعفات ممكنة وبتحصين داخلي مهم، وهذا ببركة وحدة الموقف اتجاه التكفيريين.
ثانيًا: جبل جليد العقبات للبنان الدولة هو انتخاب رئيس للجمهورية، واليوم الكل يعلق أهمية على هذا الانتخاب كمدخل لاستقرار البلد سياسيًا ومعالجة الكثير من القضايا سواء قانون الانتخابات أو الأمور الأخرى، ولقد ثبت لدينا ولدى الجميع بعد التجربة أن الرئيس الأفضل للبنان هو الذي يملك حيثية تمثيلية، ويلتزم بعهوده ومواثيقه، ولديه قدرة طمأنة مخالفيه تحت سقف القانون والمشاركة وبناء الدولة، ولا ينساق للمشاريع الإقليمية والدولية. هذه المواصفات في رأينا مهمة لرئيس الجمهورية القادم، ونحن أعلنا خيارنا والذي نعتبره منسجمًا تمامًا مع هذه المواصفات المهمة للبنان الدولة.
اليوم نحتاج إلى الخصوصية اللبنانية أكثر من أي وقت مضى، ونحتاج إلى احترام التنوع اللبناني في المشاريع والتوظيف، ونحتاج إلى أن نواجه إسرائيل كعدو وسوريا كصديق، ونحتاج لبنان الدولة لا لبنان المعبر أو المنصة، وهذا ما يجعلنا نصحِّح البوصلة باتجاه الخيارات السليمة.
وإذا كانت الاتصالات واللقاءات التي جرت في الأشهر الماضية والتي كادت تنجز معادلة الرئاستين (الجمهورية والوزراء) تقطيعًا للوقت فهذا خطأ ولكن بالإمكان تصحيحه و تصويب المسار خاصة أن الخيار المطروح هو خيار جيدٌ ويحرك الواقع اللبناني نحو الأفضل.
فإذا أردنا أن نكسب الوقت فمسار الرئاسة المتاح محدد ومعروف، ويمكن إنجازه بسرعة، وإلاَّ سيطول الفراغ كثيرًا بحسب ما هو ظاهر إذا لم يتصرف الجميع على قاعدة الحقائق الموضوعية المتاحة.
ثالثًا: نحن مع إنجاز قانون الانتخابات بأسرع وقت ممكن، وقانون الانتخابات الأعدل هو قانون النسبية، أما القانون الحالي فسيعيد أزمة التمثيل والإدارة وعدم المحاسبة، وستعيد إنتاج سلطة لا تغير في الواقع شيئًا وتبقينا في حالة الركود السياسي مع كل انعكاساته الاقتصادية والأخلاقية والعملية.القانون النسبي هو على قياس بناء الدولة، أما الأكثري فعلى قياس إعادة إنتاج الأزمة الداخلية ونحن ندعو إلى إعادة إنتاج لبنان بشكل صحيح وفق القانون النسبي.
رابعًا: لا حلول سياسية على المدى المنظور في المنطقة ومن كان ينتظرها سينتظر أشهرًا طويلة بل سنوات، لأن الأطراف الفاعلة تتوقع تغيير المعادلات الميدانية لصالحها قبل الوصول إلى إطار الحل، وليس معلومًا أن تنجح هذه الأطراف في الوصول إلى نتائج حاسمة، ولذا ستبقى المراوحة إلى حين أن يقتنع البعض أن لا حل إلاَّ بالتنازلات التي تفتح المجال لمعالجة سياسية في المنطقة.
خامسًا وأخيرًا: المقاومة خيار ناجح، ونحن في ذكرى يوم الشهيد (شهيد حزب الله) نؤكد بحسب الأدلة القطعية التي حصلت أن المقاومة خيار ناجح، وإنجازاتها واضحة ومتراكمة، وهي  التي حصَّنت لبنان من الاحتلال والعدوان، ولم تعمل يومًا وحدها، ولم تطلب أن تكون كذلك، وحقَّق نصرها نصرًا للبنان ومشروع التحرير في المنطقة. وعلى الرغم من كل الحملات التي تتعرض لها المقاومة فقد ازداد الالتفاف حولها، والآن نلاحظ عودة لأولئك الذين شردوا عن المقاومة إلى المطالبة بها وإلى الالتفاف حولها.
هذه المقاومة هي شهادة تُمنح، وقد تخطت كل الاختبارات، وبكل صراحة أقول:هنيئًا لكل من كان مقاومًا أو مؤيدًا للمقاومة، فهي موضوع فخر وإعتزاز.
المقاومة اليوم ربح وطني صافي، وربح إقليمي مؤثر، وربح مستقبلي تراكمي، ومنم الغباء أن يفكر البعض بأن يتخلى عن هذا الربح لخسائر حتمية محققة.
ستشهد الفترة القادمة جملة من اللقاءات والحوارات بين أطراف لم تكن تلتقي سابقًا بسبب بعض التشنجات أو بعض الاختلافات في الرؤى، وهذا يمكن أن يفتح الطريق لمرحلة جديدة إذا ما توفرت الإرادة الجدية، بإمكان أي حوار أن يقتصر على الشكل وهو الحد الأدنى، وبالإمكان أن نبني ثقة متراكمة لاجتراح حلولٍ تحقق الفائدة للجميع، والحمد لله أن الجميع أدرك اليوم بأن الخيار هو الحوار ولا يمكن لأحدٍ أن يستفرد بهذا البلد.