الكلمة التي ألقاها في حفل التكريم الذي أقامته مدارس المصطفى (ص) لطلابها الناجحين في الشهادة المتوسطة في ثانوية البتول (ع)، بحضور حشد من الفعاليات التربوية والنيابية والثقافية وأهالي الطلاب.
ومما جاء فيها:
تجربة المقاومة الإسلامية في لبنان هي من أشرف وأعظم التجارب على مستوى الثقافة الإنسانية والأخلاق وإعطاء النموذج في كيفية الحرب والجهاد، وفي كيفية السلم والتعاون مع الشركاء، لأن هذه التجربة كان لها انعكاسات واضحة في ساحتنا والساحات الأخرى.
تجربة المقاومة الإسلامية زاوجت بين السجود والطاعة لله تعالى وخوض غمار الحياة من موقع الحق والشرف والمبادئ، فنجح المجاهدون والمجاهدات في إعطاء الصورة العظيمة المشرقة.
في المقابل لا أخشى على الإطلاق من هذه الضوضاء المسماة داعش أو النصرة أو كل من يلتحق بهما، والسبب في ذلك أنهم لا يمثلون الإسلام لا من قريب ولا من بعيد، لا يمكن أن يتشوه الإسلام، هم انكشفوا أنهم لا علاقة لهم بهذا الدين ولا يرتبطون بدين الله، الله تعالى يقول: "وما أرسلناك إلاَّ رحمة للعالمين"، وليس في قلبهم ولا في عقيدتهم ولا عملهم رحمة، الله تعالى يقول: "وتعاونوا على البر والتقوى" وهم يتعاونون على الإثم والعدوان، الله تعالى يقول: "إن أكرمكم عند الله تعالى أتقاكم"، وهم يتنافسون وكل واحد منهم أشقى وأسوأ من الآخر، لذا نحن لا نخشى من هذه التجربة، بالعكس هي فضيحة لكل أولئك الذين يدعون أنهم يحملون الإسلام وقد سقطوا لأن الإسلام يكشف أولئك المزيفين والمدعين حيث يسيئون إلى أنفسهم ولا يسيئون إلى الإسلام لأن الإسلام منهم براء.
أما في الداخل اللبناني فنحن مقتنعون أن الأوضاع صعبة ومعقدة في المنطقة ولا يوجد حلول لسنوات وستبقى المراوحة في المكان وفي الحلول في نقطة الصفر التي نحن عليها اليوم، وقد ابتليَ الملتحقون بالولاية الأمريكية بخسائر واحباطات وتراجعات بدأت ولم تنتهِ بعد، فاليوم إذا أردنا أن نقوم بمراجعة بما أنجزت أمريكا وجماعتها في المنطقة خلال هذه السنوات، نرى أنهم أنجزوا قتلًا ودمارًا وخرابًا وفوضى ولم يحققوا أي هدف من الأهداف التي تحدثوا عنها، والناس تعرف الحقائق تمامًا.
واليوم عندما نُتَّهم وتصدر أصوات تحاول أن تحمِّلنا التبعات لا نرد عليهم، ولا نجادلهم فيما يقولون، لأننا نقدِّر أنهم بسبب هزائمهم يصرخون، فلنترك لهم فرصة للتعبير عن الألم والمرارة ولا يجوز لنا أن نمنعهم حتى من الصراخ جرَّاء الفشل الذريع الذي أصيبوا به.
لمن يريد أن يعرف وضعنا على الحدود الشرقية للبنان، وعلى الحدود الجنوبية للبنان، فوضعنا متينٌ جدًا لا تهزه لا العواصف ولا الثلوج ولا الدواعش ولا النصرة، وهذه حرب، والحرب تتطلب رجالًا، والرجال عندنا موجودون، وكل هذه الإدعاءات ستنكشف لاحقًا كما انكشفت الإدعاءات السابقة، وكما حقَّقنا إنجازًا وراء إنجاز، إن شاء الله سنستمر في هذا المسار، لسنا قلقين ولسنا خائفين، سنعمل ما علينا وثابتون في مواقعنا، نعم على الآخرين أن يقوموا بواجباتهم ويتحملوا مسؤولياتهم، لأن الساحة مسؤولية الجميع، من جهتنا قمنا ونقوم بما علينا وعلى الآخرين أن يقوموا بما عليهم.
أما إذا أردنا أن ننتهز الفرصة في هذه التعقيدات الموجودة في لبنان فلا بدَّ أن نتفاهم مع بعضنا البعض، لطالما دعونا للتفاهم والتحاور من أجل إيجاد الحلول المشتركة، ما نختلف عليه ندعه جانبًا وما نتفق عليه نسير به لنطوره أكثر فأكثر، ولكن للأسف لا توجد قابلية عند الطرف الآخر للحوار في هذه المرحلة لأن الأوامر الخارجية تمنع هذا الحوار، مع ذلك نحن نمد أيدينا لمناقشة القضايا التي يمكن أن نعالجها، على الأقل نستطيع أن نعالج بعض الشؤون الحياتية والاقتصادية والاجتماعية وأن نفعِّل المؤسسات وأن نملأ الفراغ في الإدارة، وأن نقوم ببعض الإصلاحات ونعالج بعض المطالب للناس، هذه أمور يمكن أن نقوم بها حتى ولو كنا مختلفين في السياسة، فتعالوا نعمل في هذا الاتجاه، وقد قدمنا لكم تجربة من خلال هذه الحكومة، بقيتم سبعة أشهر تعاندون ولا تريدون الدخول في الحكومة، بعد ذلك اتفقنا وكلٌّ منا قدم التنازل المناسب، نحن نعلم أن أي اتفاق يتطلب تنازل من الأطراف، نحن حاضرون ولكن هل أنتم حاضرون من أجل بناء البلد؟