الكلمة التي ألقاها في حفل التكريم الذي أقامته جمعية التعليم الديني الإسلامي لأساتذتها الذين مضى على عملهم عشرون عاماً وذلك في قاعة الجنان/ ثانوية البتول (ع).
ومما جاء فيها:
*حل الأزمة السورية يساعد على حل تداعياتها في لبنان.
*لا تبرروا للتكفير وللجريمة والعدوان كي لا تهيئوا البيئة السياسية الآمنة.
*الحكومة الجامعة هي مصلحة للبنان لأنه لا يمكن لأحد أن يلغيَ أحداً، ولا يمكن أن نعالج شؤوننا في لبنان إلا إذا تكاتفنا على اختلافنا.
*ندعو الآن إلى حسن التأليف لتكون الحكومة جامعة مانعة وفعالة في آنٍ معاً.
نحن نواجه اليوم حملة التكفيريين التي تنتقل عبر الأقطار والعالم لتخريب الواقع البشري بكل عناوينه وتلاوينه، ويخطئ من يعتقد أن التكفيريين يستهدفون فئة من الناس، هم لا يطيقون الناس على الأرض، لأنهم يعتقدون أنهم المختارون الذين يجب أن تبقى الأرض لهم وحدهم يعيثون فيها فساداً، ولذا التكفيريون مشروع عدائي للبشرية وليس لسوريا ولبنان والعراق فقط، ونحن نرى كيف تتنقل أعمالهم من مكان إلى مكان، وبصماتهم سرعان ما تنتقل وتقوم بعملها التخريبي. هناك من قال في لبنان مرات ومرات بأن تدخلنا في سوريا استجلب هؤلاء التكفيريين إلى لبنان، مع العلم أن الأزمة السورية هي التي استجلبت التكفيريين إلى سوريا ولبنان ومصر وباقي المناطق، وسنسمع يوماً بعد يوم أنهم انتقلوا إلى مناطق أخرى.
الأزمة السورية هي التي جاءت بمشاكل كثيرة إلى لبنان والمنطقة، وبالتالي من أراد أن يرى الحقائق عليه أن ينظر جيداً، سأذكر لكم أربع مشاكل كبيرة كانت من نتاج الأزمة السورية على لبنان لأن لبنان يتأثر دائماً بالوضع السوري:
المشكلة الأولى أن فريقاً في لبنان راهن على متغيرات في سوريا فربط موقفه السياسي في كل القضايا بإمكان تغيير المعادلة العسكرية بين النظام والمعارضة المسلحة، وعطل المؤسسات الداخلية في لبنان وأخر تشكيل الحكومة تسعة أشهر، وساق خطاباً تحريضياً فتنوياً أثر في الساحة، وعطل عمل المجلس النيابي، ونرى اليوم أن المؤسسات بشكل عام معطلة في لبنان، وبالتالي الحياة بالإجمال معطلة في لبنان بسبب هذه المراهنة.
المشكلة الثانية تفاقم الأزمة الاجتماعية بسبب كثرة عدد النازحين، وعدم تعاون الدول الكبرى والعربية مع نتائج هذه الأزمة، مما ولد حالات من الفقر والصعوبات المعيشية والأزمات الانسانية، وانعكس هذا الأمر على الاقتصاد اللبناني بسبب تكلفة هذا النزوح.
المشكلة الثالثة ازدياد عدد الجرائم الأخلاقية والاجتماعية والسرقات والإشكالات التي تقع في بلدات وقرى عديدة، بل بدأنا نرى بيانات تصدر من هنا وهناك لها طابع عنصري في بعض الأحيان بسبب تلك الأزمات التي تولدت واحدة بعد الأخرى جراء الأزمة السورية.
المشكلة الرابعة الخلل الأمني الذي ضرب الواقع اللبناني، بسبب انكشاف الحدود اللبنانية السورية، ووجود من يهرِّب السلاح والمسلحين ويوفر الإمكانات الكافية للقيام بعمل تخريبي، سواء تمثل بسرقة السيارات أو الجرائم الفردية أو الجماعية أو السيارات المفخخة أو العمليات الانتحارية.
كل هذه المشاكل هي من نتائج الأزمة السورية التي انعكست على لبنان، من هنا علينا أن نصارح الناس بأن حل الأزمة السورية يساعد على حل تداعياتها في لبنان، وأن الذهاب إلى الحل السياسي هو الطريق الطبيعي للتخلُّص من هذه المجموعات العابرة للدول والقارات، والتي أتت لتنفيذ مشاريع لا علاقة لها بالشعب السوري ولا بمصالحه. وهنا أقول للجماعة التي تبرر دائماً لهذه الأعمال، وتدعي ادعاءات فارغة من المحتوى، لا تبرروا للتكفير وللجريمة والعدوان كي لا تهيئوا البيئة السياسية الآمنة، وكي لا تهيئوا الظروف الموضوعية للمزيد من هذه الأعمال المستنكرة، وليكن معلوماً إذا كان هناك أحد يظن أن التكفير له صديق وعدو فهو واهم، فالتكفير ليس له إلا أعداء، ومن ظنوا أنهم أصدقاء للتكفيريين سيتلوَّعون بنيرانهم يوماً بعد يوم، لأن هؤلاء ليس لهم لا صديق ولا مشروع يمكن أن يتآلف معه أحد، ونحن نرى بعض المناطق التي تعاني من نتائج هذه الأزمة، بالله عليكم قولوا لي ما هي الأسباب الموضوعية بالدليل والبرهان للأزمة التي لا تنتهي في طرابلس؟ ومن يقاتل من؟ ومن يطلق النار على من؟ هناك عبث وفوضى.
نحن دعونا إلى حكومة جامعة منذ اليوم الأول لتسمية الرئيس تمام سلام، ورددنا دائماً بأن الحكومة الجامعة هي مصلحة للبنان لأنه لا يمكن لأحد أن يلغيَ أحداً، ولا يمكن أن نعالج شؤوننا في لبنان إلا إذا تكاتفنا على اختلافنا، لأن في التكاتف إمكانية للتفاهم على الحد الأدنى لمصلحة السياسة والأمن.
نحن ندعو الآن إلى حسن التأليف لتكون الحكومة جامعة مانعة وفعالة في آنٍ معاً، فقد وصلنا إلى المراحل النهائية، لكن نأمل أن يكون الإخراج مناسباً وملائماً مع هذه الأهداف الشريفة.
هنا نلحظ أن خطاب جماعة 14 آذار طرأ عليه بعض التغير، وعادوا إلى الحكومة الجامعة بعد رفض طويل، وهذا جزء من الحل، ولا فائدة من توتيرهم للخطاب في بعض الأحيان بلا مبرر، فنحن لا نفهم كيف تقولون نعم تريدون الحكومة الجامعة، وتضعون تبريرات وتقولون بأنكم ربحتم، وبطبيعة الحال مثل هذه الحكومة هي تسوية، الجميع دفع فيها بشكل أو بآخر، ثم يكون هناك بعض التحريض على الآخر، وهذا أمر لا ينفع أحداً، ونحن سنجد العبرة في مواقفهم العملية التي يهدئون فيها جمهورهم وساحتهم لمصلحة تخفيف الخسائر على لبنان والاجتماع معاً.
في الأيام الماضية قام انتحاري بتفجير نفسه في منطقة حارة حريك، وهذا التفجير يستهدف التخريب وإيجاد الهلع وتعديل المسار السياسي، وهذا التفجير هو جزء من سلسلة تفجيرات موجودة في الساحة اللبنانية كافة وعند كل الأطراف. هنا أؤكد على عدة أمور:
أولاً علينا أن نبقى ثابتين متماسكين، وأن نتكلم كما تكلم أهل الضحايا والشهداء باستعدادهم للوقوف أمام هذه الجرائم وعدم تغيير الشعار وحرف المسار، لأننا بذلك نكون قد أبطلنا أهدافعهم ومشروعهم، وأما إذا تماهينا مع بعض ما يريدون فهذا يعني أنهم سيحققون أهدافهم بشكل أو بآخر، والحمد لله واضح أن ساحتنا عصية على تحقيق أهدافهم، وأنهم سيكررون هذه المحاولات الآثمة، ولكن سنقف بالمرصاد وسنكون من أصحاب الاتجاه الذي لا يتغيَّر في طاعة الله وتحقيق الأهداف الوطنية الشريفة.
ثانياً الدولة تتحمل مسؤولية الأمن، ولا تستطيع أن تتنصل ولا أن تبرر، وعلى المسؤولين أن يفعِّلوا الحواجز وأن يمدوها بالإمكانات المناسبة وأن يتحلُّوا بجدية إضافية، ونحن نشكرهم على مساعيهم، ولكن نحتاج إلى المزيد، فهذه مسؤوليتهم أولاً وأخيراً، وعليهم أن يحلوا هذه المشكلة بالطريقة المناسبة.
ثالثاً يتحمل جماعة 14 آذار مسؤولية كشف هؤلاء، وعدم توفير البيئة الآمنة سياسياً أو مكانياً، وليكفُّوا عن التنظير الذي يطلقونه بين الحين والآخر، وليكونوا واقعيين وعمليين، فيعملوا كشركاء يجب أن ينبذوا هؤلاء الذي يتنقلون من منطقة إلى أخرى.
رابعاً نحن أيضاً نتحمل مسؤولية حماية ساحتنا والقيام بالإجراءات اللازمة، وبكل صراحة نحن نبذل جهوداً مهمة في هذا الأمر وسنتابع لنقوم بأقصى ما يمكن، لأن هذا جزء من تكليفنا الشرعي والأخلاقي والسياسي مع أهلنا وأحبتنا، والكل يعلم أننا نعمل بإخلاص لتحقيق الأهداف التي تسقط مشاريع الأعداء.