ومما جاء فيها:
*إيقاف الخطاب السياسي الفتنوي والتحريضي الذي يسلكه البعض، لأن هذا الخطاب يوفر الغطاء للمرتكبين.
*علينا التركيز على الأولوية في المواجهة وهي إسرائيل.
*عليكم أيها المسؤولون في الطوائف وأيها المسؤولون السياسيون أن ترفعوا الغطاء عن أي مجرم يثبت عليه الإجرام .
*الإنفجارات المفخخة ما كانت لتحصل لولا انكشاف لبنان السياسي بسبب الخطاب التحريضي والفتنوي.
نحن اليوم في لبنان نمر بمرحلة جديدة، وهذه المرحلة تجلت بالانفجارات العشوائية التي طالت الناس في الضاحية الجنوبية وفي طرابلس على وجه الخصوص، وهذه المرحلة هي مرحلة عجز المخابرات الأجنبية والعربية فسعت في القيام بسياسات تؤدي إلى هيمنتها وسيطرتها، فلجأت إلى خفافيش الليل، وإلى تلك الأعمال البشعة التي تطال المدنيين من الرجال والأطفال والنساء والآمنين في منازلهم ومحالهم والسائرين في الشوارع المختلفة، هذه الانفجارات التي حصلت بالسيارات المفخخة هي نتيجة لقرار كبير يستهدف إحداث الفوضى في لبنان، وليس عملاً عابراً يمر وينتهي، ولذا هناك احتمالات أن تتكرر مثل هذه الأعمال في أبنية مختلفة وفي أماكن مختلفة، خاصة أن هناك من يحاول أن يدخل على خط التفجيرات ليساهم بمساهماته المختلفة ويحقق أهدافه، لأنه عندما نصبح أمام أعمال في الظلام لا يمكن أن نعرف تماماً كل الذين يشاركون وكل الذين يساهمون.
هذه الإنفجارات المفخخة ما كانت لتحصل لولا انكشاف لبنان السياسي بسبب الخطاب التحريضي والفتنوي، وبسبب التحليلات السياسية التي تحاول التغطية على المرتكبين، وبسبب تعطيل المؤسسات واحدة تلو الأخرى بحجج مختلفة، واليوم لبنان من دون إدارة، ولبنان من دون حكومة، ومن دون أداء للمؤسسات المنتظمة، يعني أننا في حالة فراغ قاتلة وخطرة إذا استمرت على النحو الذي نحن عليه.
في هذا للقاء أدعو إلى البحث عن الحلول بدل أن نندب حظنا ونوصف الأخطار التي تدمي القلوب وتعطل العقول، والحلول هي التي يجب أن تكون الهدف الأساس حتى لا نحقق للمفسدين أهدافهم، وحتى لا نقع في إطار مشاريعهم التي يريدونها، في الوقت الذي نوجه فيه كل التحية لكل الشرفاء في هذا البلد، وندعو الله تعالى أن يرحم الشهداء الضحايا وأن يشفى الجرحى في كل المناطق اللبنانية التي سقطوا فيها نتيجة هذه الأعمال الإجرامية اللئيمة التي لا تمتلك لا قلباً ولا عقلاً، على قاعدة أن ننطلق من الألم للبحث عن الحل لا أن نبقى في إطار الشكوى.
وأعتقد أن الحل يتضمن عدة نقاط:
أولاً: يجب أن نبحث عن الحل السياسي المركزي، الذي يؤدي إلى تشكيل حكومة جامعة لكل الأطياف والقوى السياسية الموجودة في هذا البلد من دون شروط تؤدي إلى التعجيز والاستئثار والإقصاء، والاقتصار على التمثيل الموضوعي الذي انعكس من خلال الانتخابات النيابية، وبالتالي عندما يجلس الجميع على طاولة واحدة في الحكومة يتداولون ويتفاعلون ويرفعون الغطاء عن المرتكبين، ويسلكون خطوات فيها البناء التدريجي. وكل هذه الإدعاءات التي ذكرها البعض من أن الحكومة يجب أن لا يكون فيها أوزان ولا قوى فاعلة هذا يعني أنها هؤلاء لا يريدون بناء البلد، وإلاَّ لماذا يخافون من الأوزان طالما أن التعاون سيحصل مع الجميع وأن التفاهم سيكون سيد الموقف، وأنه في النهاية لا بدَّ من وجود قوى فاعلة تتفاهم من أجل أن تعطي النتيجة المطلوبة.
ثانياً: إيقاف الخطاب السياسي الفتنوي والتحريضي الذي يسلكه البعض، لأن هذا الخطاب يوفر الغطاء للمرتكبين، ولأن هذا الخطاب يؤدي إلى تعبئة سياسية غير واقعية وغير موضوعية، ويجعل الناس أعداءً لبعضهم في الوقت الذي يجب أن نبحث فيه عن الخطاب الحواري والذي يقرِّب القلوب، وعدم توفير المناخ الملائم سياسياً أو شعبياً أو مذهبياً أو طائفياً لحماية أولئك الخارجين على القانون.
وهنا وفي هذا المقام أريد أن أنوه ببعض خطاب جماعة 14 آذار بعد تفجيري طرابلس الذي كان عقلانياً وموزوناً في مقابل خطابات أخرى كانت سيئة وسلبية للغاية، ولكن أدعو هؤلاء العقلاء أن يجروا غير العقلاء إليهم، ومن ناحية أخرى أن يترجموا هذا الخطاب بتطبيقات سياسية تؤدي إلى أن نجلس معاً على طاولة واحدة في حكومة واحدة من أجل أن نقوم بالمعالجات المطلوبة لأن البلد لا يقوم إلاَّ بكل الدعامات والجميع بحاجة إليها، وإذا خرب البلد فسيخرب على رؤوس الجميع .
نحن ندعو إلى إنتقاء الفرصة المناسبة وإلى انتقاء اللحظة التي نتعاون معها، وأن نخرج تلك الأبواق التي تبث الفتنة إلى هذه اللحظة، واليت تشوه الحقائق وتدعي إدعاءات كبيرة، تعالوا نجلس على طاولة واحدة لنعالج لأن الأمور لم تعد تحتمل، ولأن الآتي أعظم مع التطورات في المنطقة إذا لم نضع حداً في لبنان لهذه المهزلة المستمرة منذ فترة من الزمن.
ثالثاً: هناك حل أمني بحيث تقوم الأجهزة الأمنية المختصة في الدولة اللبنانية بواجباتها الوقائية والرادعة والميدانية، باعتقال المرتكبين ومحاسبتهم، واتخاذ مجموعة منم الإجراءات التي تمنع تنقلات وتحركهم، وبالتالي نحن بحاجة إلى أن نرفض تدخل القوى السياسية في الحماية المذهبية التي تعطل أعمال الدولة، ليس صحيحاً أن نعود إلى الوراء إلى ما كنا عليه في بعض الأحيان، حيث يصدر حكم الإعدام على شخص فيؤخرون إعدامه ليجدوا من طائفة أخرى من أجل حماية الـ 6 والـ 6 مكرر، المجرم مجرم، والقاتل قالا طائفة له، وعليكم أيها المسؤولون في الطوائف وأيها المسؤولون السياسيون أن ترفعوا الغطاء عن أي مجرم يثبت عليه الإجرام من أجل أن يحاسب ويعاقب، عندها نستطيع أن نضمن حماية أفضل.
رابعاً: علينا التركيز على الأولوية في المواجهة وهي إسرائيل، يبدو أن كثيراً من الناس نسوا أن العدو إسرائيل، ونسوا أنه يخطط في الداخل اللبناني، ونسوا أنه يلعب دوراً مهماً في كل مشاكل المنطقة وفي مشكلة لبنان، نسوا بأنه يمول ويُسيِّس ويتدخل دولياً ويمر عبر أمريكا وأوروبا وبأشكال مختلفة من أجل أن يخرب علينا في بلدنا، يجب أن نعيد النظر إلى إسرائيل وأن نوجه البوصلة نحوها، وعلينا بالتالي أن لا ننصرف إلى خلافاتنا الداخلية فنصعبها إلى درجة أن تكون لها الأولوية.
خامساً: أتمنى لو أننا نعترف بحقوق بعضنا في أن نختلف مع بعضنا، ولكل منا أن نختار، لا أحد يمنع أحد أن يختلف سياسياً مع الطرف الآخر، لكن فلنكن موضوعيين عندما نتحدث عن الخلاف السياسي، الآن يأتي من يقول بأن الخلاف السياسي في لبنان سببه التدخل في سوريا! وبعضهم يقول أن الخلاف السياسي في لبنان سببه ما يحصل في مصر! والبعض الآخر يعتبر أن المشاكل الإقليمية هي التي تسبب المشاكل في لبنان! لا، لا تضحكوا على الناس، الخلاف السياسي في لبنان لو لم تكن له أرضية مناسبة وأطماع خاصة وارتباطات خارجية لا يمكن لأي حدثٍ في المنطقة أن يؤثر على الخلافات السياسية، تعالوا نعالج شؤوننا بأن لا نرد النتائج إلى أسباب واهية، وأن لا نرقد إلى النتائج وننسى المبررات والمقدمات. فالمشكلة في لبنان قبل سوريا وموجودة بعد سوريا، خرج السوري من لبنان والمشكلة كانت قائمة، والخلافات السياسية على الحكومة قائمة بمعزل عما يحصل، نعم هناك من راهن أن التطورات في سوريا ستتغير باتجاه ستؤثر سلباً على مؤيدي الحكم في سوريا أو النظام في سوريا وبالتالي يستطيعون كسب الغلبة بالغلبة الخارجية.
تعالوا نبحث داخلياً عن المعالجة، وسأكون صريح: تبين بعد التجربة أن المؤيدين لهذا الطرف لا يزيدون ولا ينقصون، والمؤيدين للطرف الآخر لا يزيدون ولا ينقصون، فلا تراهنوا على زيادة الأوزان، راهنوا على الحلول التي تغير القلوب، نحن ندعو إلى حوار هادئ وموضوعي، فلبنان لا يمكن إدارته من جهة واحدة، ولا يمكن أن يكون مزرعة لأحد، ولا يمكن أن يلغي أحد أحد، ولا يمكن أن ننتظر تطورات المنطقة لأن تطوراتها لا تنتهي كلما رتقت فتقت، وكلما انتهينا من مشكلة جاءت مشكلة أخرى أكبر من أختها، وبالتالي المراهنة ستكون ضياع.