قال سماحة نائب الأمين العام لحزب الله سماحة الشيخ نعيم قاسم في احتفال تأبيني في بلدة باتوليه في قضاء صور:
"نحن نعيش اليوم مشكلة كبيرة في لبنان، لأن العدالة مفقودة على كل المستويات، إذ نرى أن الحسابات التي تجري في طريقة إدارة الدولة هي حسابات طائفية وشخصانية وعائلية، وليست حسابات وطنية تأخذ بعين الاعتبار والعدل والتوازن بين الناس والمناطق، ولذا نرى أنفسنا ندخل في نفق مظلم وفي كل مرة نريد أن نتخلص فيها من الأنفاق إذ تزداد الأنفاق المظلمة علينا، ذلك لعدم وجود العدل، التعليم أصبح محاصصة والتوظيف محاصصة والسرقة محاصصة والتكتم على الجرائم والفساد محاصصة وكل ما يجري في هذا البلد نراه يخضع للاعتبارات التي تُبعد عن العدل والتي لا تنصف بين الناس، ولذا نرى الانهيار يتتالى يوماً بعد يوم.
وقال: كثيرة هي الدعوات من أجل إصلاح الوضع الاقتصادي والاجتماعي، وتوضع الآليات المختلفة من أجل المعالجة، ثم نجد بقدرة قادر أن المعالجة لم تتم، وأن الأزمة تزداد سوءًا، ترى لماذا؟ هل هناك خلل في الاقتراحات! وهل هناك خلل في الأدوات التي يمكن أن تعتمد! هل هناك خلل في المشاريع التي تُنعش البلد لو طبقت! أقول لكم الخلل في لبنان سياسي أولاً وهو الذي ينعكس على الاقتصاد والاجتماع وعلى كل شيء ، فعندما يكون الفساد مستشرياً ولا حساب ولا محاكمة ولا سؤال ولا وضع حدٍ لهؤلاء المرتكبين فإننا أمام تغطية تؤدي إلى المزيد من الظلم الذي يتراكم يوماً بعد يوم من قبل ثلة قليلة تتحكم بهذه الأكثرية الساحقة من الشعب، لذا نرى الأمور تسير من سيئ إلى أسوأ، والحل معروف فهو سياسي أولاً بالعودة إلى القوانين والمشاريع ومنع السرقات وأولئك المنتفعين من المال العام، الذين لا يخافون الله والذين يأخذون المال العام وكأنه منحة لهم من دون أن يراعوا رقابة أحد.
وأوضح: نسمع كثير ممن هم أصحاب النوايا الطيبة وممن هم يحبون المقاومة ويعتقدون جيداً بصلاحها وحسن أدائها، يطالبوننا بأن نقوم بأداء داخلي شبيه بالأداء المقاوم لننجح في الداخل كما نجحنا في المقاومة، وأصارحكم القول بأن آلية المواجهة في المقاومة قتال وتضحية وشهادة من أجل التحرير وهذا الأمر كان متوفراً في حزب الله ، وشكَّل رأس حربة أدَّت إلى إخراج العدو الإسرائيلي من لبنان، وأدَّت إلى التحرير العظيم الذي ينعم به كل اللبنانيين والعرب والمسلمين والأحرار. لكنَّ آلية العمل الداخلي هي آلية سياسية تتطلب العودة إلى القوانين المرعية الإجراء، وإلى تشريعات المجلس النيابي وإلى تنفيذ الحكومة والتوافق بين قوى وأطراف كثيرة ومتناحرة ومتنازعة في لبنان، وإلى خلفيات تشد الحبل إليها كلما وجدت أنها يمكن أن تأخذ مكسباً من لبنان لطائفة أو جهة على حساب الطوائف أو الجهات الأخرى، مما يجعلنا نعيش تعقيدات هذا الوضع الصعب، فاليد الواحد لا تصفق في الداخل، ولا يمكن أن تغير المعادلة إلا إذا تكاتفت الأيدي مع بعضها البعض، واتخذت قرارات حاسمة لوضع الأمور على سكة الحل على أساس وطني لا على أساس طائفي، وعلى أساس التوازن والعدل لا على أساس محسوبيات السلطة وأركانها.
وأضاف: هذه مشكلة حقيقية تحتاج إلى علاح، وسنكون دائماً موجودين في الساحة الداخلية وسنعمل سياسياً واجتماعياً من أجل أن نؤثر بقدر إمكاناتنا وبقدر الظروف الموضوعية التي تحيط بنا. نحن نؤكد بأننا مع المطالب العمالية ومطالب الأساتذة والمطالب المعيشية المحقة للفئات الاجتماعية المسحوقة في هذا البلد، وسنكون إلى جانبها بصرف النظر عمن يقوم بالتحرك، لن ننظر إلى من يدعو إلى المطالبة بالمسائل المعيشية والمطلبية، سننظر إلى صوابيتها وإلى سلامتها، ولذا لا تستغربوا إذا كنا مشاركين في إضراب دعى إليه الاتحاد العمالي رغم أننا سحبنا مندوبنا من هذا الاتحاد، لأننا لا ننظر إلى من يتحرك وإنما ننظر إلى المضمون الذي يتحرك على أساسه، وعليه فسنختار من أساليب التحرك ما نراه منسجماً مع قناعاتنا، وسنرفض من أساليب التحرك ما لا نراه منسجماً معها، وسنشارك في اعمال مختلفة مع فئات وجهات تريد أن تغير وتريد أن تنصف الناس، لنكون في آليات تحركنا متحررين من النمط الواحد، علَّنا نحقق مع الآخرين شيئاً، وعلَّنا ننجز للناس بعض مطالبهم وحاجاتهم، فهم أصحاب حق ويجب على الدولة بكل أركانها ومواقعها أن تستجيب بالقدر المناسب، وأن لا تدير ظهرها وإلا حصل الانفجار الكبير الذي لا يمكن لمَّه ولا يمكن منع امتداده عندما تتفاقم الأزمة يوماً بعد يوم .
وقال: في العراق يوجد احتلال أمريكي بكل ما للكلمة من معنى، لكن هذا القتل المنظم للشعب العراقي هو قتل آثم مهما كان عنوانه، إذ من يريد إخراج الاحتلال عليه أن يتجه للاحتلال وأن يواجه الاحتلال لا أن يواجه الشعب العراقي الأعزل ولا أن يضع المتفجرات بين السكان وفي الأماكن المختلفة، هذا عمل مدان بكل المعايير مهما كانت الجهة ومهما كانت المبررات والإدعاءات.