أقامت جمعية التعليم الديني الإسلامي إفطارها السنوي في مدينة النبطية، بحضور ورعاية نائب الأمين العام لحزب الله سماحة الشيخ نعيم قاسم، وبعد كلمة مدير عام جمعية التعليم سماحة الشيخ علي سنان، تحدث راعي الحفل، الشيخ نعيم قاسم، وأبرز ما جاء في كلمته:
منذ يومين أقالوا في فرنسا مديراً للإذاعة الفرنسية بسبب موقف له انتقد فيه الصهاينة، وذهب وزير الخارجية الفرنسية إلى إسرائيل من أجل أن يقدم اعتذارات عن مواقف سابقة، وتتخذ فرنسا مجموعة من الإجراءات لتبيض صفحتها مع الصهاينة، وهي لا تلتفت على ما يبدو أنها تخسر الكثير من الرصيد العربي والإسلامي الذي حصلت عليه بتمايز موقفها عن الموقف الأمريكي وعن الموقف الصهيوني المعادي في منطقتنا، فإذا استمرت فرنسا على هذه الشاكلة هذا يعني أنها ستخسر رصيدها بالكامل في منطقتنا ولن ينفعها تقربها من المشروع الأمريكي وإسرائيل، لأن أمريكا تأكل كل من معها، ولأن إسرائيل تحرق كل من يسير معها، في النهاية لا صوت مع أمريكا فوق صوت أمريكا، ولا صوت مع إسرائيل فوق صوت إسرائيل، فكل الذين يسيرون إنما يسيرون خدماً للمشروع الأمريكي والصهيوني ولن يكونوا في حال من الأحوال متمايزين بسبب هذا المشروع.
تقولون بأن العرب والمسلمين لا يملكون الإمكانات الكافية، وهل المشكلة عندنا في الإمكانات أو في الإرادة! هل المشكلة بالاستسلام للواقع الذي لا نستطيع مواجهته، أو لعدم تخطيطنا المناسب من أجل مواجهة الحملة علينا، نحن نملك الكثير من الأرصدة العملية والسياسية والبشرية والفكرية والإيمانية، فإذا استفدنا منها في محلها يمكننا أن نصل إلى أهدافنا بكل فعالية.
ظن البعض بأن لبنان وقع في إشكالية الضغط الأمريكي من خلال القرار 1559 لأنه قام ببعض الإجراءات الدستورية في لبنان، يبدو أن الكثيرين لا يقرأون ما يجري في العالم، يوجد قرار أمريكي في مد اليد والسيطرة على منطقة الشرق الأوسط وعلى العالم، لكن طريقة السيطرة تختلف من مكان إلى مكان آخر، في العراق دخلوا محتلين، وفي إسرائيل واجهوا الفلسطينيين من خلال الإسرائيليين ودعموا الاحتلال، وفي عدد كبير من الدول العربية والإسلامية اعتمدوا على الحكام فهم يصدرون لهم الأوامر في الخفاء، ونحن لا نرى أوامرهم لكننا نرى نتائجها عمالة وآثاراً تخدم أمريكا حتى بدخولهم إلى المناهج التعليمية وتغييرها على الشاكلة الأمريكية، وفي لبنان وسوريا وإيران يمارسون ضغوطات مكشوفة لأن الوسائل الأخرى غير متاحة بالنسبة إليهم، إذاً لبنان هو في دائرة الضغط الأمريكي كما البلدان الأخرى ولكن بأشكال مختلفة، يسعدنا أن يكون لبنان عصياً على هذا الضغط الأمريكي، وهذا شرفٌ لنا أن تحار أمريكا كيف تفعل ولا تتمكن من أن تسقط قدرة لبنان، وقد حاولت مراراً أن تدخل إلى البنوك من أجل أن تكشف الأسماء والحسابات، وحاولت أن تطلب أفراداً من أجل أن تعتقلهم، وحاولت أن تتدخل في السياسات اللبنانية المختلفة على مدى السنوات السابقة، ودعمت إسرائيل بإدعاء خروجها بتطبيق القرار 425 مبقية على مزارع شبعا ومشرِّعة لإحتلالها، ومع ذلك لم تتمكن من أن تمنع لبنان المقاوم من أن يبقى صامداً وأن يقول كلمة لا وسيبقى كذلك إن شاء الله، ولا تخافوا من كثرة الضغوطات، فإذا كنا واثقين بحقنا فسننتصر على أمريكا وسنبطل مفاعيل قراراتها كما أبطلنا مفاعيل إحتلال إسرائيل في لبنان.
نحن الآن على أبواب تشكيل الحكومة الجديدة، وأعتبر أن الخطوة الأولى هي حُسن اختيار الأفراد، الذين يتصفون بالكفاءة ونظافة الكف، الذين يعملون للمصلحة العامة لأن هذه المواصفات هي التي يمكن أن تنجح أي عمل من الأعمال، وإذا كان البعض يعتبر التمثيل الطائفي مشكلة، فأقول لا تعارض بين التمثيل الطائفي واختيار الأفضل والأصلح من داخل الطوائف، فهناك أشخاص كثر يمكن اختيارهم ولا ينحصر الأمر بأسماء محددة، خاصة أولئك الذين تلوثت سمعتهم وأيديهم، وهم معروفون لدى الناس. إن الثقة التي تمنح للحكومة من الناس ومن المعنيين مرتبطة بشكل أساس بطبيعة هذه الحكومة، فالأمر لا يمر بشكل عادي وإنما في هذه الظروف الاستثنائية للثقة قيمتها، فعلى المعنيين أن يقدموا ما يشعر الناس بالثقة، وإلاَّ لا يمكن إعطاء ثقة لمجموعة لا تتمكن من إرضاء متطلبات الناس في هذه المرحلة.
ونحن نعلم أن هذه الحكومة تواجه وضعاً صعباً، تواجه تراكمات وتعقيدات كثيرة نشأت من خلال هذا التاريخ الطويل للحكومات المتعاقبة، وقد يكون عمر الحكومة أشهراً عدة إلى حين الانتخابات النيابية وهذا أمر معروف، ونحن لا نطلب أن تُنهي هذه الحكومة كل الأزمات وأن تعالج كل المسائل بشكل استراتيجي وأن ننام في الليلة الأولى لنستيقظ في الليلة الثانية فنجد أن كل أمور لبنان قد حلت، لكن تستطيع أن تضع البنيان الأول الصحيح في الطريق الصحيح للمسار الطويل، تستطيع أن تخطو بعض الخطوات التي يمكن أن تكون نافعة ومفيدة، بإمكانها أن تراقب أداء أفرادها لتحافظ على ما تبقى من المال العام، أصبح مطلبنا المحافظة على المال العام بمنع السرقة والهدر، وأعتقد بأن هذه الأمور بمقدور أي حكومة جدية أن تمارس الرقابة الجدية وأن تضبط هذا الأمر وهي مسؤولية الحكومة القادمة.
نحن أمام مجموعة من التحديات، لكن لا يمكن مواجهتها بالكلمات أو بالتمني والأماني، نستطيع أن نواجهها بالانتاج والعمل والبرامج الموضوعية، ولعلَّ أكبر أمتحان تواجهه الحكومة القادمة هو امتحان الكهرباء، فهل تنجح الحكومة في أن تضع حداً لمسألة الكهرباء ولو من الآن حتى انتهاء عمر الحكومة؟ هذا سؤال برسم من سيأتي.