بحضور عدد من الفعاليات الدينية والاجتماعية حيث وزّع الشيخ قاسم الهدايا على الفائزين وجاء في كلمته:
التحرير الذي أنعم الله به علينا لم يكن تحريراً بسلاح ولا تحرير في العالم إلاَّ بسلاح، لكننا في لبنان حققنا التحرير بالإيمان والتصميم والجرأة والاستقامة والتضحية ثم جاء السلاح في آخر المنظومة ليضع النقطة الأخيرة التي نقلتتا من الاحتلال إلى التحرير ، فلم يكن السلاح هو الذي حرر بل كانت كل تلك المقدمات هي التي أعطت قوة وبراعة وعزيمة لنصل إلى هذه النتيجة في أورع تحرير سجله مقاومون مؤمنون على قلة في العدد والعدة ، حيث لم يسجل العرب ولا كل الأمة في كل فترتها السابقة منذ احتلال فلسطين حتى الآن مثل هذا العطاء ومثل هذا التحرير, وقد تحقق ذلك بالالتفاف والتعاون مع أطياف القوى والشعب اللبناني المعطاء.
وأضاف :
في هذا المقام نسمع بين الحين والآخر أحاديث إيجابية عن المقاومة ترتبط بمنٍ أو كلمات تحاول إعطاء صورة وكأن المقاومة تتبادل العطاء مع الآخرين فتأخذ منهم من أجل أن تبقى وتقايضهم من أجل أن تعطي، وتكون في حالة تبادلية وإلاَّ ستكون النتيجة مختلفة، ما هكذا كانت المقاومة في لبنان ولن تكون، هذه المقاومة انتصرت بشبابها وشعبها، وانتصرت بالداعمين لها, بالأطراف المختلفة الموجودين على الساحة، لم توقع عقداً مع أحد كمقايضة، إنما دعمها من دعمها بقناعة وثقة واطمئنان ولذلك نجحت ونجحنا. وعليه هذه المقاومة لن تغير من منهجها ولن تغير من أسلوبها، ستبقى مادة يدها للجميع ليكونوا معها وتكون معهم من أجل التحرير ومن أجل مواجهة الاحتلال، ولا وظيفة لها خارج هذا الإطار على الإطلاق، المقاومة لا محل لها في المقايضة السياسية ، والمقاومة ليست معروضة للتبعية ، والمقاومة انطلقت بكل ثقة وجرأة من أهلها وشعبها وبلدها وستبقى كذلك رافعة للواء الحق ومحررة للأرض.
وقال :
دخلنا كحزب الله إلى الحكومة اللبنانية لأننا اقتنعنا بضرورة هذا الدخول كي نكون شركاء في صنع مستقبل هذا البلد، ليس هناك من أدخلنا إلى الحكومة ومنحنا هذه الجائزة، ولا يوجد من بإمكانه أن يخرجنا بالضغط علينا لمعاقبتنا أو ابتزازنا، دخلنا بملء إرادتنا لأننا شركاء مع الآخرين في هذا الوطن، كما نعتبر أن لا إمكانية للآخرين في أن يتفردوا أوأن يلغوا قدرة الأطراف في بناء وطنهم, نقر ونعترف أننا لا نستطيع أن نبني وطناً بمعزل عن الآخرين ، بل قناعتنا أن نكون شركاء مع الذين يعيشون معنا في بلدنا.
لقد وجد شركاؤنا في الوطن أن لهم مصلحة في أن نكون في الحكومة ليتقووا بنا ونتقوى بهم، وأحسسنا بالمشاعر نفسها فتوافقنا وكنا في موقع حكومي واحد، لم تنشأ هذه الحكومة على قاعدة المغالبة في داخلها ، بل نشأت على توافق من خارجها لتكون معبراً للبناء المشترك، وهكذا, نحن لا نعتبر وجود أكثرية وأقلية في داخل الحكومة إنما هناك حكومة متجانسة, من لم يكن فيها كان معارضاً ومن لا يعجبه أن تكون فيها أصوات تتحدث عن مصلحة لبنان فليتخذ الموقف الذي يراه مناسباً, لكنه لا يستطيع أن يجرنا إلى قناعاته وآرائه وأفكاره , خاصة إذا كانت خاطئة وليس فيها مصلحة للبنان. على هذا الأساس لن أدخل في نقاش القواعد والثوابت، ولن أدخل في قانونية الديمقراطية التوافقية أو عدمها ، هي ألفاظ يجرها البعض إلى حيث يريد ويجرها البعض الآخر إلى حيث يريد، إنما لم تتشكل هذه الحكومة إلاَّ على قاعدة التفاهم على الأسس السياسية، وعليه يجب أن تتابع في هذا الطريق.
ومن ظن أننا علقنا مشاركتنا في الحكومة من أجل موضوع المحكمة الدولية فقط لم يقرأ جيداً ما حصل قبل المحكمة الدولية مرات ومرات، هذه الحكومة ارتكبت أخطاء قاتلة في إدارة البلد، وبدل أن تساهم في لملمة الشمل ومتابعة قضايا لبنان، ساهم بعض أركانها في بث جذور التحريض, وحوَّلوا الواقع في بلدنا إلى واقع محتقن على المستوى السياسي ، وهذا ما يهيئ لبيئة ملائمة ليستغلها أعداء لبنان للإضرار بكل الفئات الموجودة فيه، رفعنا الصوت لنقول بأن الحوار هو الأساس وأن الاتفاق هو المحور، وأن علينا أن نعمل ما من شأنه أن يؤسس للوحدة الوطنية الحقيقية، ما الذي سيضر بعض من في الحكومة أن يصبروا أياماً قليلة على صيغة المحكمة وشكلها طالما أننا بدأنا بالنقاش؟ فلماذا قُطع في منتصف الطريق تحت عنوان الدماء الموجودة على الأرض؟ هذا استغلال لفرصة كان يُفترض أن تجعلنا أكثر تمسكاً بالحوار والتفاهم وأن نكون يداً واحدة في مواجهة التحديات، لا أن تكون فرصة للانقضاض من أجل تسجيل موقفٍ يريده البعض أن يكون مؤسساً لقاعدة فيها الغلبة في لبنان,نحن لا نقبل أن نكون جزءاً من حكومة تعمل على قاعدة الغلبة لا في داخلها ولا على باقي اللبنانيين.
على هذا الأساس نتمنى أن يعود المعنيون إلى رشدهم وأن نناقش الأمور بروية، لسنا في حزب الله مستوزرين لكننا لن نكون أدوات ولا موقعين على مشاريع وقرارات لا نؤمن بجدواها أو لا مصلحة للبنان منها.
وتابع قائلاً :
ربما آن الأوان أن نقترح على الحكومة بأن يريحوا بعض السياسيين من العمل السياسي ويحولوهم إلى قضاة بدل الجهاز القضائي الموجود عندنا في لبنان، لأن بعض السياسيين اليوم يفهمون بالأمن والقضاء والتحقيق والإدعاء والاقتصاد وبكل شيء، حتى باتوا يعلمون علم الغيب بمجرد أن تنفجر القنبلة يعلمون من صنعها, ومن مررها, ومن أعطى الأمر فيها, وكيف جمعت المعلومات بلحظة واحدة من دون أي وثيقة ومن دون أي إطلاع ومن دون أي دليل؟ إذا كان ميليس مع أكثر من مئة محقق وخبير دولي أعلن بعد ستة أشهر أنه لا زال بحاجة إلى وقت من أجل توجيه الاتهام لقضية واحد، فكيف كان بإمكانهم أن يعرفوا كل خفايا الاغتيالات بدقائقها وتفاصيلها وسيناريوهاتها؟