ومما جاء فيها:
كل المراهنات على إسقاط سوريا فشلت، وكل المراهنين يقفون في صف الهزيمة الواحد تلو الآخر أمام التطورات التي تحصل، وقد تحول القتال ضد سوريا إلى عمل عبثي لا قدرة له على تغيير المعادلة لا الآن ولا في المستقبل، ومن يريد أن يأخذ فرصة إضافية فقد جرب الشهرين تلو الشهرين فامتدت إلى سنتين وأكثر من شهرين، وبالتالي كلما ازدادت المراهنة كلما ازدادت الخسائر، ونحن نرى بأم العين إخفاقات المسلحين المتتالية، ولن تنفعهم الغارات الإسرائيلية في أن ترفع من معنوياتهم أو أن تضيف إليهم قدرة جديدة، فهذه الغارات الإسرائيلية وصمة عار عليهم، لأنها كشفتهم وتحولت إلى عبء عليهم، وأثبتت موقع سوريا في معادلة المواجهة مع إسرائيل والخندق المقاوم، فإسرائيل لا تضرب أحبابها وإنما تضرب أعدائها، ولا تمد يد العون والمساعدة لأعدائها وإنما تمد اليد بالعون لأصحابها وأصدقائها ومن كانوا معها، هذا عارٌ على كل من استدرج الغارات الإسرائيلية، وكل من برَّر الغارات الإسرائيلية، هذا عارٌ على كل من اعتبر الغارات الإسرائيلية أمراً طبيعياً وعادياً لنصرة الشعب السوري، وهذه مهزلة كبيرة في فهم القضايا والتطورات.
لطالما دعونا إلى الحل السياسي الداخلي في سوريا، وأي تأخير للحل عبر الحوار سيضر الشعب السوري وسيتحمل وزره المسلحون والدول الداعمة لهم، نؤكد مجدداً بأن سوريا في الموقع المقاوم ونريدها أن تبقى في الموقع المقاوم وسنكون معها في هذا الموقع، ولتسمع الدنيا بأسرها فقد تعودنا أن نواجه التحديات وننتصر بإذن الله تعالى.
ثانياً: إسرائيل اليوم تحاول أن تصرف الأنظار عما يحصل في فلسطين المحتلة والقدس، وهي تقضم الأرض والمقدسات، وتحاول أن تثبت وتشرعن وضعها، وإذ بالمتصدين في جامعة الدول العربية يتآمرون فيتدخلون في الشؤون الفلسطينية، ويعطون تنازلاً عن الأرض من جيب المقاومين ومن جيب الشعب الفلسطيني، مّنْ نصبكم في جامعة الدول العربية لتتنازلوا عن حق الشعب الفلسطيني؟ اتركوا الشعب الفلسطيني يقرر، واتركوا مقاومته تقرر، واتركوا هؤلاء المجاهدين الذين سطروا أروع الملاحم لأكثر من ستين سنة أن يستعيدوا أرضهم وقدسهم وحقوقهم، والله نحن لا نتمنى من جامعة الدول العربية إلاَّ أن تكفَّ شرها، ولا نريد منها إلاَّ أن تصمت، لأنها عندما تتكلم تولد المآسي، وعندما تصمت نرتاح منها على الأقل ليكون للشعوب كلمتها ودورهم، وهنا أحيي مجلس النواب الأردني على الموقف النبيل الذي اتخذه في طرد السفير الإسرائيلي من الأردن، وهذه الحركة للشعوب يجب أن تستمر وتتواصل، لأن بإمكاناتنا أن نغير المعادلة حتى ولو لم يرض الحكام في مواقعهم المختلفة.
والسؤال هنا: هل المطلوب أن ننتهز فرصة إخفاقات مشروع الشرق الأوسط الجديد لتمرير مكتسبات إضافية لإسرائيل؟ أم المطلوب أن نقول لإسرائيل: لا، حتى ولو اجتمع العالم كله معها، تذكروا أن إسرائيل ليست عدواً لفلسطين فقط، إسرائيل عدو للبشرية جمعاء، وكل الاستعدادات يجب أن تكون لمقاومتها، وما يجري من تفتيت لقدرات المنطقة واستنزافها جزءٌ من تثبيت المشروع الإسرائيلي، ولكن نقول لهم: المقاومة بالمرصاد، فالخط الجهادي المقاوم يقظٌ ومستعد ولن يمرر أهداف إسرائيل، ونحن وإياكم في الميدان وسنرى إن شاء الله تعالى.
ثالثاً: أجمعنا في لبنان من خلال الاستشارات النيابية على تسمية رئيس الحكومة العتيد الأستاذ تمام سلام، وهذا يحمِّله مسؤولية تظهير هذا الإجماع في حكومته، وهذا ما نطالبه به ونسعى به، وهو أن تتمثل القوى في داخل الحكومة بحسب أحجامها في داخل المجلس النيابي، اليوم وغداً وبعد غدٍ هذا هو الحل المناسب والمفيد، ولن يغير التأخير هذا الحق الواقعي ونحن متعاونون في هذا الاتجاه، أما أن يخترع البعض عناوين وقواعد وأسس من أجل أن تُشكَّل حكومة غير ممثَّلة للمجلس النيابي فهذه قواعد وهمية لا تنطلي على أحد، هل يكفي أن يعطي البعض صفة حتى تكون هذه الصفة واقعية وحقيقية! ليكن معلوماً: الكل في لبنان مسيَّس، وكل الذين يعملون للدخول في الحكومة مسيسين، من رئيس الجمهورية إلى رئيس الحكومة إلى رئيس المجلس النيابي إلى كل من يرغب أن يكون جزءً من تركيبة هذه الحكومة، والجميع يمارس العمل السياسي ويتخذ المواقف ويختلف ويتفق مع الآخرين، إذاً لا داعي لأن نبرز بأن البعض لا علاقة لهم بالسياسة أو أن البعض يتخذون مواقف تكون معتدلة بينما الآخرون تكون مواقفهم معتدلة، الجميع مسيس ومن حق كل واحد أن يختلف أو أن يتفق مع الآخرين، ولذا الحل الأمثل للبنان من وجهة نظرنا هو: حكومة تمثل الشعب بنسبة تمثيله في المجلس النيابي، وفي غير هذا الاتجاه لا فائدة، ولا نجاح لأي حكومة يمكن أن تخرج عن إطار هذه القاعدة العامة ببعض تفاصيلها التي يمكن النقاش فيها.
وأخيراً: تمَّ الاعتداء على مقام الصحابي الجليل حجر بن عدي الكندي، وهذا الاعتداء لم يكتفِ بهدم المقام ولا هدم المسجد، بل حفر القبر وأخرج ما فيه، هذا الاعتداء على مقام الصحابي الجليل يُظهر العقلية الإلغائية التي لا تراعي حرمة المسلمين ومقدساتهم، بصرف النظر عن أي مذهب من المذاهب، لأن هذا الأمر تكرر في أماكن مختلفة في العالم للسنة والشيعة على حدٍ سواء، وهو صورة عما يضمرونه للأحياء، فإذا كان التكفيريون لا يتحملون الصالحين في قبورهم فكيف يتحملون الصالحين وهم أحياء أمامهم؟ ولكن ليعلموا أن الصالحين الأموات مع الصالحين الأحياء سيبقون بيرق النور الذي يُسقط ظلاميتهم وظلمهم والله مع المتقين.