منطقتنا اليوم في حالة انعدام وزن، وهي تعيش مخاض تشكُّل توازنات سياسية جديدة، وكل بلدانا معرَّضة للفوضى وللأزمات الداخلية المتنقلة، حتى تلك البلدان التي ترعى الإرهاب، أو تلك البلدان التي تدعم التوترات في منطقتنا فإنها ليست بعيدة عن التأثر بالفوضى والأزمات التي تتنقل من بلد إلى آخر. ونحن نواجه اليوم مشروعاً أمريكياً إسرائيلياً يستخدم أداتين مؤثرتين في هذه المنطقة: أداة التخريب من خلال الفتنة، وأداة التخريب من خلال الإرهاب، يعني نحن نواجه الفتنة والإرهاب، أما دور الإرهاب فزعزعة الاستقرار من دون أن يكون هناك أي أفق سياسي أو مشروع أو حل، سوى القتل التنقل الذي يدخل إلى البيوت ودور العبادة، وآخرها الاغتيال الآثم المجرم الذي طال العالم الكبير الشيخ محمد سعيد البوطي، الذي يشهد له العالم بأسره على مكانته وعلمه ودوره، لكن هذا يدل على أن المجرمين القتلة لا يتحملون صوتاً للحق والإسلام، ولا يقبلون حوارا، ويقدمون نموذجاً لنتائج يريدون تطبيقها في سوريا وفي غيرها لا تراعي إنسانية ولا رحمة ولا أخلاقاً ولا مقاماً، وهذا أمر مستنكر. هذا الإرهاب الذي نراه في منطقتنا هو متفلِّت من كل الضوابط، وإذا ظنَّ البعض أنه يستطيع أن يديره أو يؤثر فيه فهو واهم، هذا الارهاب سيطال في يوم من الأيام الذين أنتجوه وساعدوه وربُّوه وأداروه ودعموه، لأنه لا دين له ولا مشروع ولا أخلاق، ولا يراعي إنسانية على الإطلاق. الارهاب حالة من الإجرام والتكفير وإثارة الفوضى وقتل الأبرياء. أما الأداة الثانية وهي الفتنة، فهي تستوجب ضرب المشروع المقاوم لإسرائيل، لأن اليوم من خلال الإرهاب يستطيعون تخريب البلدان المختلفة، لكن كيف يمكن أن يواجهوا المقاومة التي حققت إنجازاً في مواجهة العدو الإسرائيلي، فيلجؤون إلى الفتنة وخاصة الفتنة السنية الشيعية لتفريق المسلمين، ولتحقيق أهدافهم في السيطرة على منطقتنا وإراحة إسرائيل، وهنا نبيِّن مسائل ثلاث: أولاً، مقدمات الفتنة هي فتنة، وهؤلاء الذين يدَّعون في لبنان أو في غيره أنهم لا يريدون الفتنة ولا يريدون التورط بها، عليهم أن يتوقفوا عن التحريض المذهبي والإعلامي وإثارة المشاعر، وربط كل الأمور بالموضوع المذهبي، فقد أصبحنا نرى كل حادثة من الحوادث مهما كانت فرعية وهامشية وفردية تُربط بالمشروع الكبير الذي يعبِّر عن رؤية الفتنة في كيفية إثارتها والتحريض عليها، وهذا ما نسمعه ونراه من التصريحات المختلفة. نحن ندعوهم إلى أن يكونوا صادقين مع هذا الشعب، في أن يقولوا الحقائق كما هي، أو أن ينتظروا ليتعرَّفوا على الوقائع قبل أن يتَّهموا ويُثيروا الفتنة بين الناس، ونحن نعتبر أن داعية الفتنة هو ملعون في الدنيا والآخرة، ولا يمكن أن يكون إنساناً نبيلاً أو شريفاً على الإطلاق. ثانيا، نحن أدنا وندين الاعتداء الذي حصل على مشايخ من إخواننا السنة، ودعونا القضاء ليأخذ مجراه، ونؤكد على ضرورة اتخاذ أقصى العقوبات في هذا العمل الفردي المدان، وهذا هو المسار الصحيح، هناك من أخطأ، مهما كان الدافع لهذا الخطأ والجرم، فيجب أن يُعاقب على جرمه أمام القضاء، وإذ بنا نرى أصواتاً ترتفع لتُثير الشارع بطريقة مذهبية، وتحمِّل المسؤولية لأطراف لا علاقة لهم بها، ويقولون بأن تحرك الشارع مبرَّر بقطع الطرقات والأعمال المختلفة، ويشكِّلون حماية لها مع أنهم يعلمون أن الأمر أصبح في عهدة القضاء، ألا يُعتبر هذا إثارة للفتنة، أليس المفروض متابعة الأمر قضائياً للوصول إلى النتائج. كل المبررات التي تُساق لتبرير ردات فعل فتنوية مرفوضة، إلا أن هناك أشخاصاً يريدون استغلال أي حادثة لإثارة الفتنة في البلد. ثالثاً، نحن دعونا وندعو دائماً للوحدة، ولدينا الشجاعة الكاملة للقول بأننا سنبذل أقصى جهودنا من أجل المحافظة على الوحدة بين السنة والشيعة، وأن نتحمل كل الصعوبات والعقبات لكي تبقى راية الوحدة مرفوعة ضد أصحاب الفتنة والمشروع الصهيوني الأمريكي، لن ننجر إلى ما يريدونه، ولن تستفزَّنا الشتائم والإهانات، لأننا نحمل قناعة راسخة منسجمة مع ديننا وإيماننا بضرورة الوحدة بين المسلمين.
هناك بحث عن قانون انتخابات في لبنان، وقد اختلف مجلس الوزراء في موضوع الدعوة لتشكيل الهيئة المشرفة على الانتخابات على قاعدة أن القانون يسمح بها أو لا يسمح، واستُفتيَت هيئة التشريع والاستشارات في في وزارة العدل وقالت الهيئة بأن هذا القانون هو لمرة واحدة، يعني أن قانون الستين لم يعد موجوداً على المستوى القانوني، بدليل وضع تواريخ للهيئة العليا للإشراف على الانتخابات وقد نُفِّذت في العام 2009، وليس هناك ما يُشير إلى تشكيل آخر في وقت آخر، ومع ذلك كان هناك إصرار من البعض في مجلس الوزراء بأن تُشكَّل هيئة قضائية عليا يرأسها الوزير، وسُمِّيت بالهيئة الاستشارية العليا لتُعطي رأيًا واضحاً في هذا الأمر، وقد قالت هذه الهيئة بأن قانون الستين هو لمرة واحدة، وكل النصوص تؤكد أنه لمرة واحدة، إذاً لماذا الالتفاف بطرق غير مقبولة لتثبيت قانون الستين بحجة تطبيق القانون، لذا سيكون موقفنا اليوم حازماً في جلسة مجلس الوزراء بأننا لا نوافق على تشكيل هيئة عليا للاشراف على الانتخابات لأننا لا نوافق على مخالفة القانون الذي لا يسمح بتشكيلها، بل يقول بأنه لا يوجد قانون حالي للإنتخابات وليذهب الجميع ليفتشوا عن قانون جديد لكي تجري الانتخابات في موعدها.
جاء أوباما إلى الكيان الإسرائيلي، وعنوان زيارته وشعاره الأساسي هو دعم الإرهاب الإسرائيلي في هذه المنطقة، وهو يحاول تعويض الخسائر الكبرى التي مُنيَت بها إسرائيل مؤخراً، خاصة بعد الانتخابات للكنيست الإسرائيلي، لأنها كشفت أن المجتمع الإسرائيلي مفكك بالكامل، بحيث أن القوى تتوزع على حوالى عشر جهات، وبالتالي لم يستطع نتنياهو أن يشكل وحده أو مع جهة واحدة حكومة في الكيان الغاصب، فاضطر إلى خليط من الجهات من أن تشكيل حكومته، وأنتم تعلمون أن مثل هذه الحكومة لا تستطيع اتخاذ قرارات ولا إدارة البلاد وتتجاذبها المصالح بشكل كبير، في اعتقادنا أن أوباما جاء ليعوِّض هذه الخسارة الكبيرة والارباك في المجتمع الاسرائيلي. هنا نعت أوباما حزب الله بالإرهاب، فهل يغيِّر هذا الأمر الواقع الحقيقي، فأمريكا تنعت حزب الله بالإرهاب من اللحظة الأولى لتشكُّل الحزب، ولكن كل الناس يعلمون أن الحزب هو مقاومة حقيقية دحرت إسرائيل وحررت الأرض، ووقفت في مواجهة التحدي الاسرائيلي لتمنعه من مزيد من العدوان والاحتلال. حزب الله يمتلك شجاعة الموقف ليقول بأنه ثابت على الرغم من وجود أمريكا وإسرائيل وكل الداعمين لهذا الكيان الغاصب، ولدى حزب الله الثقة الكاملة بالنصر والتوفيق، وهو يمتلك الجهوزية الكافية لمواجهة التحديات، ولن تزيدنا المناورات التي حصلت في الفترة الأخيرة بشكل مكثف إلا عزيمة لنواجه التحدي الإسرائيلي، ونحن اليوم أكثر تصميماً لمنع إسرائيل من تحقيق أي إنجاز فيما لو ارتكبت أي حماقة، وسنبقى على سلاحنا لمواجهة التحديات وحماية بلدنا.
كنا نتمنى لو أن تصريحات وبيانات صدرت لتستنكر الاختراق الاسرائيلي للأجواء اللبنانية، وكنا نتمنى أن نرى حرارة الاعتراض على إسرائيل ولو بالكلمات، لكن لا أعلم ما الذي أخفى هذه الأصوات المتحمسة للفتن الداخلية وإثارة الأزمات في المنطقة ودعم الإرهاب من أن تنطق بكلمة حق في وجه إسرائيل، مع العلم أننا لا نحتاج لهذه التصريحات في دعم موقفنا، فهي تنفعهم هم، وهذا يسجَّل لهم فيُقال في يوم من الأيام أنهم قالوا أنهم ضد إسرائيل ولا يوافقون على عدوانها، فالمسيرة منطلقة والحماية قائمة ومشروع المقاومة مستمر بإذن الله تعالى، ولا ينفع معه النقيق في الطريق.