عندما تسمعون أن مريكا تهدِّد ، إسرائيل تهدِّد ، يتحدثون ضد المقاومة الاسلامية يذكرون ما عندهم من أسلحة وإمكانات ، يحرِّكون دول العالم من أجل أن يتحدوا ، أقول لكم بكل صراحة ، نحن لا نشعر أنه توجد مشكلة من هذه التهديدات، البعض ممكن أن يسأل:
ألا تخافون ، صدِّقوا لا نخاف ، ألا تشعرون بقلق ، كلا لا نشعر بقلق ، لا تحسبون حساب التراجع على قاعدة أن الأمر صعب ومعقّد ، نقول لكم لا ، هذا الشعور لا يدخل في أفاكارنا وتفكيرنا ولا للحظة واحدة ، لماذا؟ لأن المقاومة بكل بساطة تؤمن أن الله ناصرٌ عباده ، وأن الله يريد نشر دينه في مستقبل المطاف ، وأن الامتحانات والاختبارات التي يمرّ بها الناس طبيعية من أجل أن يمرّ الزمن تمهيداً لإقامة دولة الحق ، فإذا كان التهديد موجوداً فأهلاً به وإذا كانت المنازلة قائمة فنحن حاضرون لها ، إما أن ينصرنا الله تعالى وإما أن نستشهد في سبيله ، وفي الحالتين نحن خطوة من خطوات إقامة هذا الدين على المستوى العالمي، إذاً لماذا نخاف من أعداء الله تعالى طالما أننا نقوم بواجبنا وبتكليفنا عند الله تعالى ونحن مأمورون بالموقف ولسنا مأمورين بالنصر ، النصر من عند الله والشهادة من عند الله ، إنما تكليفنا أن نقول كلمة الحق ، وأن نقول لا إله إلا الله ، محمد رسول الله ولو كره الكافرون .
بعض الصحافيين في لبنان وبعض السياسيين في لبنان ، عندما يجتمعون مع قيادة المقاومة يسألون هذه الأسئلة ، يقولون إسرائيل تهدّد ، نقول لهم وإذا هدّدت ، يقولون يمكن أن تضرب ، نقول لهم نحن حاضرون أن نردّ عليهم ، يمكن أن تدمر، ونحن حاضرون أن ندمر كما يدمرون ، لكن تدميرهم أكبر ، نقول أتركوا الأمر للميدان والتوفيق على الله تعالى . فرق أساس بيننا وبينهم ، هم يخافون من أسلحتنا ونحن لا نقيم وزناً لأسلحتهم لأننا نخاف الله ، هم عدوانيون محتلّون ، يغصبون حقوق الآخرين فلا قضية مشرِّفة لهم بينما نحن أصحاب الأرض وأصحاب الحق نرفع رؤوسنا معتزِّين أننا نحمل لواء الانسانية على هذه الأرض ، سينهون الحياة التي نعيشها ، الحياة بيد الله تعالى . واحدة من مشاكلهم معنا أننا تربّينا في مدرسة الامام الحسين (ع) ، وعلّمنا الامام الخميني (قده) كيف نكون حسينيين نبيع أنفسنا لله تعالى فبعد ذلك ليس عندنا ما نعطيه وليس عندنا ما نخسره في آنٍ معاً ، نعطي لله والله يعطي من أعطاه ، فمن أمدَّ في سبيل الله خطوة أمدّه الله تعالى تعالى بأمتار وكيلومترات من النصر والتوفيق وهذا ما جرى بانتصار المقاومة الاسلامية في لبنان على اسرائيل في حدث فريد من نوعه ولولا هذه الروح الحسينية لما حصل الانتصار ، إذاً يجب أن نعيش الطمأنينة لأن أحداث التاريخ وأحداث الحاضر ليست مرارات نعيشها ، هي ابتلاءات ، اختبارات ، امتحانات ، هناك فرق بين الابتلاء وبين المرارة ، وعلينا أن نعيش هذه الابتلاءات حتى ولو كانت كريهة لأن الجنة حُفَّت بالمكاره ، فإذا عشناها واطمأننا إلى عطاء الله ووعد الله تعالى نكون جزءً من مسيرةٍ تصنع النصر المستقبلي ، إذاً ما الذي سيغيِّره الآخرون فينا ، لن يغيِّروا شيئاً، لذلك يجب أن نعيش طمأنينة وراحة ، أتعرفون اليوم عندما نجد أن العالم يزداد كفراً وفساداً نقول لعله خير ، لأن هذا الازدياد في الكفر والفساد يعجِّل برزنامة الظهور وبالتالي نحن لا نرى من هذه الأمور ما يمقتنا أو يزعجنا ، نعم هذا يحفِّزنا على المزيد من العمل والمزيد من النشاط ، العمل والإعداد شيء والتأثُّر بما يجري شيء آخر ، فطالما أننا نقوم بما علينا في طاعة الله ونعمل من أجل إثبات خط الاسلام المحمدي الأصيل عندها حتى لو ازداد الكفر ، فهذا أمر لا بدّ وأن ينتهي ولو بعد حين ، أما كيف ؟ فهذه إرادة الله والله هو المغيِّر وسيصنع تطورات لا نعلمها ولا نعرفها لكننا مطمئنون لأنه وعد الله تعالى بتغيير هذا العالم وإذا قال عنا الناس بأننا نفكّر بطريقة غيبية ولا نعرف كيف نحلِّل سياسة ، فليقولوا ما شاءوا ، نحن نفكِّر غيبياً ونحلِّل سياسة ، نحن نرتبط بنصر الله تعالى ونعدّ العدة، نحن نتأمل أن تحصل تغيُّرات بإرادة الله تعالى ونقدِّم الشهداء . إذاً التوازن المطلوب بما علينا نقوم به ، لكن لا نقوم معتمدين أننا نحن الذين نصنع ، إنما نقوم بواجبنا ونؤمن أن الله هو الذي يصنع ، فتوكلنا على الله يمدُّنا بقوة إضافية من دون أن تتغيّر أعمالنا في طاعة الله ، وهكذا ننتصر بقوة من قوة الله وبتوفيق من توفيق الله تعالى .
هذه المسيرة لا يمكن أن يوقفها أحد ، هذه المسيرة لا يمكن أن توضع العراقيل أمامها لتُمنع ، ستنتشر وتستمر وتكبُر ، وهنا خيارنا أن نكون جزءً منها أو لا نكون، إذا كنا جزءً منها ربحنا دنيانا وآخرتنا وإذا لم نكن جزء منها خسرنا دنيانا وآخرتنا ، لأن كل ما يحصل عليه الانسان من هذه الدنيا هي فتات سرعان ما تسقط وتذهب وتنتهي ، لكن ما سيحصل عليه في الآخرة هو الأكبر ، فكيف إذا أخذ الدنيا والآخرة معاً ، هذه نعمة من الله تعالى ، فلا يفكرَنَّ أحد أن الالتزام بالدين يعني أن الانسان يخسر الدنيا ، كلا ولكن يربحها نظيفة ولا يربحها وسخة ، وبالتالي هو يربح وفق شريعة الله تعالى .
اعلموا أننا كأمة لا يمكن أن تنهزم إذا حملت هذه الشعارات وعملت بهذه الطريقة ، فإذا كانت ثلّة قليلة حقّقت إنجازات في لبنان ، كيف إذا كانت الأمة بأسرها تحمل هذا المنهج وهذه الروحية ، بالتأكيد لدينا في البلاد العربية والاسلامية إمكانات ضخمة ، وعندنا شعب حيّ ، لكننا بحاجة إلى أن نعرف أهدافنا وإلى أن لا نخضع أمام ضغوطات الكافرين والمنحرفين ، أن نثِق بقدراتنا وأننا إذا قلنا لا ، لا يستطيع الآخرون أن يصنعوا شيئاً معنا ، قالت إيران لا وصمدت ، قالت سوريا لا وصمدت، قالت الانتفاضة لا وصمدت ، قالت المقاومة لا وصمدت ، وهكذا عندما نقول لا بطاعة الله تعالى ونحن واثقون أننا نعمل على الحق ونستحدث كل الوسائل المناسبة والمآتية وفق ما أوجد الله لنا على هذه الأرض لا بدّ أن ننتصر إن شاء الله تعالى ، لكن يجب أن نثق بأنفسنا أولاًَ ، يجب أن نثق أن الحجاب قوة وهذه القوة تزداد يوماً بعد يوم ، يجب أن نثق أن الصلاة قوة وهذه القوة تعطينا من إشعاعاتها يوماً بعد يوم ، لا تنظر لنفسك مقطوعاً عن الآخرين ، أُنظر إلى نفسك كجزء من هذه المسيرة الضخمة المنتشرة في العالم ، أُنظر لنفسك كجزء من التاريخ والمستقبل، لا تنظر لنفسك كشخص عابرلا قيمة له في الحياة ، عندها تصبح النظرة أشمل ، وتصبح القوة أكبر إن شاء الله تعالى ، إذاً بالحسين نقوى ، وبالحسين نمتلك الثقة بالنفس وبالحسين نستطيع الوقوف أمام كل التحدّيات مهما كانت ، لا ينقصنا شيء إلا الإرادة ، ولا ينقصنا شيء إلا أن نتكاتف وأن نتوحّد مع بعضنا البعض من أجل أن نحقِّق هذا المستقبل ، ها هم يهدِّدون في كل يوم ، لكن من الذي يخضع لتهديداتهم ، الذي يحسب حسابات خاطئة ، والذي يعتبر أن حضوره ووجوده بسببهم.
أمريكا تحاول أن تسيطر على المنطقة بأسرها تحت عنوان الدميقراطية في الشرق الأوسط الكبير ، أي دميقراطية هذه تؤدي إلى دعم إسرائيل بالمطلق لتقتل اسرائيل الأبرياء وتسيطر على فلسطين والفلسطينيين وتهدد العرب والمسلمين وفي آنٍ معاً إذا ارتكبت اسرائيل المجازر فهي معذورة ، وإذا قام المنتفضون الفلسطينيون بمقاومة وردود فعل فهم منبوذون منكرون من الإدارة الأمريكية ، هذه الديمقراطية التي يريدون إحضارها إلى منطقتنا هي ديمقراطية السلاطين الذين نصّبوهم غصباص عن الناس ، وهي ديمقراطية الانحراف التي يريدون إدخالها إلى بيوتنا ونساءنا وأطفالنا وديمقراطية السيطرة الغربية على تعاليمنا ومقدِّراتنا وقناعاتنا ولا يقبلون منا رأياً حرًّا واحداً ، لم يتحمّلوا قناة المنار وهي قناة واحدة من بين آلاف القنوات التي يبثُّونها عبر العالم لأن هذه القناة تتحدث بمعنويات وتعلِّم الحق وترشد إلى الموقف الصحيح مع أنهم يدّعون الديمقراطية لأنها تفضحهم وتكشفهم لكن فليعلموا أن إسكات المنار لن يسكت الصوت الهادر الذي أنجز المنار ولن يسكت المقاومة الشريفة الحاضرة في الميدان ولن يغيِّر من نور هذا الاتجاه الاسلامي الذي بدأ ينتشر وسيستمر إن شاء الله تعالى ببركة التفاف الأمة وببركة هؤلاء الشرفاء من الرجال والنساء الذين ساروا مع هذه المسيرة الحسينية .
لقد حدث في لبنان حدث كبير باغتيال الرئيس الحريري وهو اغتيال بشع ، يدل على أن تلك اليد الخفيّة التي تحاول أن تفرض قناعاتها وإرادتها ، تحاول أن تعبث بالأمن بطريقة أو بأخرى ، تحاول أن توجِد الفتن لتتَّجه الأصابع إلى غير المحلّ الصحيح ، ولتتَّجه الوقائع إلى عمل يمكن أن يؤدي إلى تدخُّل دوليٍّ في لبنان كما يطالب البعض ، وهذا التدخُّل ما هو إلا كارثة حقيقية للبنان لأنه سيصبح عندها في مهب الريح إذا أوصلوه إلى هذه النقطة ، لأنه عندها ستصفِّي الدول حساباتها في لبنان وسيكون الشعب اللبناني ثمناً لآراء وموقف تتجاذب ساحتنا لمصلحة المشروع الاسرائيلي الأمريكي وهذا خطر كبير يجب أن نواجهه وأن نمنعه وأن لا نقبل بأيِّ شكل من أشكال التدويل وإلا كانت المبادرة بعدها مفقودة وكانت النتائج سيئة وصعبة على لبنان ، هؤلاء الذين يريدون مصلحة لبنان عليهم أن يجتمعوا معاً ، وعليهم أن يفكِّروا معاً ، وعليهم أن يبحثوا عن الطرق الكفيلة بمعالجة المشاكل القائمة من دون استدعاء للآخرين ليتقوى كل فريق بالفريق الآخر ، واحدة من مصائبنا في العالم العربي والاسلامي أن البعض كان يتقوى بالدول الأجنبية ، فكانت هذه الدولة تدخل هذا البلد لتدعم مجموعة وتوصلها إلى موقع معيّن ثم بعد ذلك تبدأ باستثمار البلد وسلب خيرات البلد ولا تعود هذه المجموعة قادرة على أن تصنع شيئاً. ألا تحاول الدول الكبرى أن تضع العالم العربي والاسلامي في مهبّ مصالحها وتهدّد وترعِد إذا لم تحصل على ما تريد ، هذا كله بسبب الاتجاهات المنكرة والخاطئة ، هم لا يريدوننا أن نعيش كبشر نأخذ قراراتنا بأنفسنا إنما يريدوننا أتباعاً لهم لنكون خدماً لمواطنيهم ولتكون بلداننا محلاً لاستثماراتهم وما يريدونه ليعيشوا في حياة الرفاهية ، نحن اليوم نؤكد أننا مع الحسين نكون بالقول والعمل ، مع الحسين نحمل المشروع المحمدي الأصيل ، مع الحسين لا نسأل كيف تكون التطورات ، نحسن العمل ونستجير بالله تعالى وننتظر الفرج ونسير على خطّ الاستقامة ، عندها نفوز في الدنيا ونفوز في الآخرة ، رحم الله المجاهدين والشهداء وعلى رأسهم سيد شهداء المقاومة السيد عباس الموسوي (رض) وشيخ الشهداء الشيخ راغب حرب ونحن نعيش في ذكرى استشهادهما ، كذلك رحم الله إمامنا الخميني (قده) الذي أنار هذا الطريق ورحم الله شهداءنا وأمواتنا وأمواتكم وشهداءنا الذين قدَّموا في سبيل هذه المسيرة .