الموقف السياسي

الكلمة التي ألقاها نائب الأمين العام لحزب الله سماحة الشيخ نعيم قاسم في ذكرى أسبوع الشهيد حمد حمد في حسينية القائم (عج) بحضور حشد من العلماء والفعاليات والأهالي .

يجب أن يعرف الاسرائيليون ومن وراءهم بأن المقاومة بالمرصاد ، وأن هذه الاعتداءات تدفعها إلى المزيد من الجهد والاستعداد وتوسعة خيارات الردع

يجب أن يعرف الاسرائيليون ومن وراءهم بأن المقاومة بالمرصاد ، وأن هذه الاعتداءات تدفعها إلى المزيد من الجهد والاستعداد وتوسعة خيارات الردع .

لا يمكن ردع اسرائيل إلا بالسلاح والقتال .

لبنان ليس ساحة للفتنة السنية الشيعية .

سنحرص على لبنان الواحد ، وسنعمل ليكون لجميع أبنائه .

قال سماحته :

... بالأمس وضع العدو الاسرائيلي عبوة ناسفة في سيارة أحد المجاهدين في بعلبك ، حيث تدل الدلائل على أن اسرائيل هي وراء هذا العمل ، من حيث الشكل والمضمون وبعض المقدمات التي توفرت أثناء التحقيق ، وهنا يجب أن نلاحظ معنى ودلالة هذا التفجير من حيث التوقيت وانسجاماً مع أصوات ارتفعت في اسرائيل في الآونة الأخيرة بضرورة اغتيال كوادر وشخصيات المقاومة في لبنان . كنا نتمنى أن نسمع استنكارات على مستوى هذا الحدث ، لأن هذه العملية عملية خطيرة وكبيرة وآثمة في آنٍ معاً ، لكن سمعنا استنكارات محدودة وإن شاء الله البعض يحاول أن يستدرك في الأيام القادمة من أجل أن يسجّل موقفه كرمى له وليس كرمى لنا ، لأننا نعتقد أن مسيرتنا تُثبت نفسها سواء استنكر البعض أم لم يستنكر ، لكن لم نسمع ملاحظات من مجلس الأمن ولا ملاحظات من الاتحاد الأوروبي ولا من أمريكا ولا من الدول الكبرى ، علماً أن هذه العملية تؤشر بشكل واضح للمعركة المفتوحة مع العدو الاسرائيلي ، وتُبيِّن استهداف هذه الساحة ، ويجب أن نتعامل مع هذا الموضوع أنه عبارة عن اعتداء اسرائيلي حقيقي بكل ما للكلمة من معنى ، وهنا يجب أن يعرف الاسرائيليون ومن وراءهم بأن المقاومة بالمرصاد ، وأن هذه الاعتداءات تدفعها إلى المزيد من الجهد والاستعداد وتوسعة خيارات الردع ، وبالتالي هذا يؤكد أن حضور المقاومة ووجود المقاومة في ساحتنا يجب أن يبقى ، بل أكثر من هذا، يجب أن يتعزز لأن معركتنا مع اسرائيل لم تنتهي ، فلا زالت اسرائيل تشكل خطراً حقيقياً على لبنان ، ولا يمكن ردع اسرائيل إلا بالسلاح والقتال ، اسرائيل لا تردعها قوة دولية لأن القوى الدولية معها ، واسرائيل لا تردُّ على القوانين الدولية فهي مسخّرة لخدمتها ، هي محتلٌ معتدٍ ، فلا بد أن نقف بكل قوة بسلاحنا وبمقاومتنا لمواجهة هذا الاحتلال مهما كانت الظروف ومهما كانت الصعوبات ، وهنا بما أن الأنظار توجهت إلى اسرائيل في هذه العملية ، يجب أن يعلم الجميع أن ساحة لبنان ليست آمنة على المستوى الأمني ، فالعملاء موجودون فيها ، وكذلك التفجيرات التي حصلت في الساحة والتي يمكن أن تحصل هي تفجيرات تشير إلى اسرائيل في أحد مفرداتها ، ليس صحيحاً أن نشير إلى اسرائيل عندما يكون التفجير في محاولة اغتيال مقاوم ولا نشير إلى اسرائيل عندما تكون هناك اغتيالات أخرى ، فإسرائيل في الوقت الذي تستهدف فيه مقاومين تستهدف أيضاً السلم الأهلي والأمن في لبنان وتريد أن تزرع الفوضى لتحقّق أهدافها .

وعن المحكمة الدولية قال :

عندما شاركنا في الحكومة اللبنانية إنما شاركنا بهدف المشاركة في المستقبل السياسي لهذا البلد ، وفي كل المستلزمات التي يتطلبها هذا الموقف ، وهنا طرحت مسألة المحكمة الدولية كحلٍّ طرحه البعض من أجل متابعة كشف جريمة اغتيال الرئيس الحريري ، وعارضنا كحزب الله هذه المحكمة الدولية ، ليس لأننا لا نريد الوصول إلى الحقيقة بل لأننا لا يمكن أن نوافق على عنوان لا تفاصيل له ولا حدود له ولا آفاق له ولا نعلم عنه شيئا إلا الاسم ، نحن لا يمكن أن نوقّع على أمر مجهول ثم نضع أنفسنا في تصرف مجلس الأمن وفي تصرف الدول الكبرى ، وليس لنا ثقة بهم لأن تصرفاتهم في قضايانا في منطفتنا لم تكن جيدة أبداً ، بل كانت منحازة في أغلب الأحيان إذا لم أقل في كل الأحيان . بكل وضوح نحن نريد محاكمة تؤدي أربعة أهداف ، الهدف الأول أن تكشف الحقيقة ، من قتل الرئيس الشهيد رفيق الحريري ؟ ، الهدف الثاني أن تكون عادلة بحيث لا تتجنى لحسابات سياسية على البعض ، وبحيث تعطي كل ذي حقٍّ حقه ، ثالثاً أن لا تكون مسيّسة ، فالتحقيق ليس معبراً لتصفية الحسابات السياسية وإنما أمر يجب أن يوصل إلى الحقيقة ، الهدف الرابع هو رفض التدويل بكل أشكاله ، أي أن لا نصبح تحت الوصاية الدولية في إدارة محاكمة لا نعلم مسارها ومصيرها في آنٍ معاً ، فإذا توفّرت هذه العناوين الأربعة ، فنحن نقبل بأي صيغة يمكن أن تُطرح وتحقق هذه الأهداف ، سواءً أكانت الصيغة محكمة لبنانية بالشكل العادي ، أو كانت محكمة لبنانية يساعد فيها قضاة آخرون من دول أخرى في العالم ، أو كانت محكمة لبنانية سورية مختلطة بالاتفاق على قواعدها ، أو كانت محكمة عربية أو ما شابه ، لن نقف لا عند العنوان ولا عند التسمية ، ولا عند التفاصيل بشكل مسبق ، إنما نريد أن نفهم ما هي آفاقها وما هي مواصفاتها حتى نطمئن بأنها محكمة تؤدي إلى الحقيقة وتكشف الأمور بشكل واضح وتوصلنا إلى ما نريد . على هذا الأساس اعترضنا عندما طُرحت المسألة من دون عناوين تفصيلية ومن دون وضوح ، وعبّرنا أن وجهة نظرنا بشكل واضح ، إلى أن أُرسل لنا منذ يومين من يبلّغنا بنقاش حول تفاصيل المحكمة ، فقلنا أهلاً وسهلاً ، نحن حاضرون أن نسمع وحاضرون أن نناقش ، ألم يكن الأفضل من البداية أن تُناقش أمور المحكمة بتفاصيلها بهدوء في جلسات مغلقة وفي جلسات حوار ، ومع كل المعنيين والمؤثّرين على الساحة ، حتى تخرج النتيجة مرضية للجميع . نحن لا نقف حاجزاً أمام أي أمرٍ يوصل لبنان إلى استقلاله وإلى كشف الحقيقة فيه وإلى مصلحته ، لكن لا نقبل أن نسلّم الأمور كيفما كان ، بحيث تصل إلى بعض المنافذ التي لا نخشى منها على أنفسنا حتى لا يخطئ البعض ، إنما نخشى على بلدنا وعلى مستقبلنا ، بالنسبة إلينا نحن قادرون على أن ندافع عن أنفسنا إن شاء الله تعالى ، نحن نخاف على الوطن ونخاف على المستقبل للأجيال ، وليس عندما ما نخشاه ، لم نرتكب أمراً نخشى منه ، كل ما فعلناه ونفعله سيكون حاضراً أمام الرأي العام وفي ساحات الميدان ، قاومنا إسرائيل فأعلنا ذلك بوضوح ، قاتلنا انحرافها وعدوانها فكنا بارزين في الساحة من دون خشية على الرغم من خوف البعض من الذين يحاولون أن يتحدثوا عن خشية من المجتمع الدولي ومن نقمة إسرائيل ، وإذ بالساحة تُثبت أننا إذا كنا واضحين فإن أهدافنا تتحقق ، أولسنا على الحق إذاً لا نبالي ، رضيَ الكافرون والمنافقون أو لم يرضوا .

ثم تحدث عن الفتنة فقال :

تطالعنا بيانات وتصريحات ومقالات من بعض الشخصيات ومن بعض النشرات ، تارة يكون هؤلاء مكشوفين وواضحين وأخرى يختبئون كخفافيش الليل ، تحاول هذه البيانات أن تثير النعرات الطائفية والنعرات المذهبية ، وتُبرز حالة متخلفة جاهلة من العودة إلى القرون الوسطى وفي عقلية عصر الحجارة ، هؤلاء المتخلّفون الذين يعتقدون أن بإمكانهم أن يوجدوا شرخاً في ساحتنا هم مخطئون ، سنرد على أحادينهم عن الفتنة السنة الشيعية بأننا غصباً عنهم وبكل قوة وجرأة ومكانة سنقتحم الوحدة السنية الشيعية وسنقول من موقعنا لكل مسلم ، أنت أخ وحبيب ، وستكون أيدينا مرفوعة معاً ، لن تخلفنا السياسة ولا المحكمة الدولية ولا كل التفاصيل الأخرى فما بيننا كمسلمين في دائرة الوحدة أكبر وأعظم وأشرف من كل تلك الفتن التي يصنعها هؤلاء ، وسنقول لهم موتوا بغيظكم لأننا سندخل إلى الوحدة أكثر فأكثر ، وستُثبت الأيام أن لبنان ليس ساحة للفتنة السنية الشيعية، ليبحثوا عن ساحة أخرى ، في لبنان آلينا على أنفسنا مع كل المخلصين من إخواننا على المستوى الشيعي ، ومع إخواننا على المستوى السني أن نكون معاً إن شاء الله في وجه إسرائيل وفي وجه كل وصاية وفي وجه كل الانحرافات التي نواجهها في منطقتنا. هذه الوحدة سنحرص عليها أيضاً على مستوى علاقات الطوائف مع بعضها البعض ، نحن نؤمن بأن لبنان للجميع ، إذا فكّر البعض بأن لبنان يمكن أن يكون على مقاسه فهو مخطئ، من أخذ لبنان إلى مقاسه سقط ، ومن جعل لبنان بمقاس الوطن ارتفع ، عندما أخذ البعض لبنان إلى مقاساتهم وقعوا في مشكلة الحرب الأهلية ووقعوا في مشكلة التدمير وفي مشكلة إعادة البلد إلى الوراء ، لكن عندما أخذت المقاومة الاسلامية الوطن إلى حيث يجب أن يكون ولم تستأثر به ، واعتبرت أن هذا البلد لجميع أبنائه ، وقدّم المجاهدون دماءهم لتحريره ارتفعت المقاومة وارتفع الوطن ، وبدأ لبنان يفتخر أمام العالم أنه حرّر في وقت لم يستطع فيه العرب أن يحرروا ما حرّره هؤلاء المجاهدون وما فعلوه خلال فترة قصيرة من الزمن وبإمكانيات متواضعة .

وأضاف :

سنحرص على لبنان الواحد ، وسنعمل ليكون لجميع أبنائه ، وهنا نرسل إشارة إيجابية إلى بلاغ مكة الذي جمع الدول الاسلامية وخطى خطوة على الطريق الصحيح عندما ميّز بين المقاومة والارهاب ، وقال بأن أزمة المذاهب مفتعلة ، واعترف بجميع المذاهب الاسلامية ، ورفض التكفيريين الآثمين الذين لا علاقة لهم بالله لا من قريب ولا من بعيد ، خسروا الدنيا والآخرة في آنٍ معاً ، لأن اسلامنا رحب حنون رحيم ، قال تعالى : { وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين } ، هذا البلاغ الذي صدر عن مكة ، عندما يتعزز بوحدة الدول الاسلامية وقوة الدول الاسلامية نتقدم كثيراً إلى الأمام ، لا زال أمامنا الكثير من المشاكل والعقبات ، علينا أن نفتش عن الأجنبي والأمريكي والاسرائيلي فيما يفعله في بلداننا ، وأن نعمل للتنمية وأن نحافظ على كرامة الانسان وأن نؤجل الخلافات الداخلية إلى أن ننتهي من تلك الهجمات العدوانية التي يمارسها أعداء الله تعالى .

وعن دور الحكومة اللبنانية قال :

الحكومة اللبنانية تتحمّل مسؤولية كاملة في إدارة الوضع القائم في لبنان لإيصاله إلى برّ الأمان ، ولا تستطيع هذه الحكومة أن تدّعي تحت أيّ عنوان من العناوين أنها لا تتحمل المسؤولية ، أمنياً وسياسياً واقتصادياً واجتماعياً ، وبالتالي أن ترمي الأمور على الحقبة السابقة ، هذا لا يعفي أحداً ، الحقبة السابقة انتهت ، وبدأنا حقبة جديدة تتحمّل هذه الحكومة مسؤوليتها ، ونحن نرى أن هذه الحكومة يجب أن تعمل وتتحمل مسؤوليتها في خمسة أمور أساسية لا يمكن التنازل عن أي أمر منها :

1- أن تدير البلد بطريقة توصله إلى تحقيق مصالحة وطنية حقيقية ، وأن لا تكون معبراً لتصفية الحسابات السياسية .

2- على الحكومة أن تعمل لحماية استقلال لبنان ، وحماية الاستقلال إنما تتمّ بالتأكيد على حماية مقاومته وتعزيزها وبرفض التدخل والوصاية الأمريكية والأجنبية في شؤوننا الداخلية .

3- متابعة التحقيق للوصول إلى الحقيقة من دون خلطه بأي أمرٍ آخر إلى جانب الحقيقة .

4- معالجة قضايا الناس اجتماعياً واقتصادياً ، وعدم التذرع بالتطورات السياسية وبالظروف السياسية كسبب للإهمال أو للتقصير .

5- تتحمّل الحكومة مسؤولية واضحة في رسم العلاقات اللبنانية السورية بشكل جدّي وموضوعي ضمن حوار مع سوريا وبرنامج عمل له مراحل زمنية ، واتفاقات تُجسّد واقعياً على الأرض ، لقد سمعنا في الايام الأخيرة وقبل ذلك إشادات ودعوات إلى ضرورة ترتيب وترميم وإعادة العلاقة مع سوريا ، هذا أمر جيد ولكن الآن بدأ وقت العمل ، نحن نقترح على الحكومة أن تضع هذه النقطة على جدول أعمالها من أجل أن تناقش كيفية الوصول إلى اجراءات ميدانية تطبيقاً لاتفاق الطائف ، ولا نريد أي شيء خارج اتفاق الطائف كتكافؤ بين البلدين من أجل أن نقطع هذه المرحلة ومن أجل أن نساعد في استعادة لبنان لعافيته ودوره .