... نحن في أجواء عيد المقاومة والتحرير ، والزواج اليوم باسم هذا العيد، من حق المجاهدين أن يعيشوا حياتهم، ومن حق المجاهدين والمجاهدات أن يبنوا أسرهم وأن يكونوا أشخاصاً يتفاعلون مع المجتمع ويقومون بوظيفتهم في هذا المجتمع، هم أشرف من على الأرض لأنهم جمعوا بين مسؤولياتهم في داخل مجتمعهم ومسؤولياتهم في الدفاع عن الوطن وفي القتال من أجل الأرض، وعليه فهذا التحريرالذي حصل هو نعمة كبرى وشرفٌ عظيم.
نحن نرى اليوم أن سهاماً كثيرة تتوجه نحو السلاح ونحو المقاومة من أجل أن يضعوها في دائرة المساءلة والاستفسار والاستفهام، لكننا نقول لهم هذه المقاومة شرف لبنان والعرب والمسلمين ، هذه المقاومة رفعت رأس الجميع ، هذه المقاومة حررت الأرض، وهذه المقاومة بذلت دماء عزيزة طاهرة من أبنائنا وأولادنا ، هذه المقاومة حررت ما لم تستطع عليه جيوش وجحافل في منطقتنا العربية، هذه المقاومة دونت للتاريخ وأسست للحاضر وصنعت للمستقبل، معنويات جعلتنا نذوق طعم الاستقلال الحقيقي، ونشعر بأننا معنيون بالمحافظة عليه، ولذا بعد التحرير لا مكان للاحتلال في بلدنا وبعد الانتصار لا يمكن أن نخضع لا لقرارات دولية جائرة ولا لمطالب إسرائيلية بنزع السلاح ، سنبقى على الأرض مجاهدين ومجاهدات لنحمي وطننا ونحمي هذا التحرير الذي حصل بالدماء والعطاءات.
هذه المقاومة لم تُعطَ إجازة للمرور، هي مرت على غفلة من الزمن، ووجدت بإرادة من الله تعالى، وكبرت بالسهر والعناء والعطاءات والدماء، هذه المقاومة لم تكن يوماً لفئة أو جماعة أو طائفة، ولم تكن يوماً مدينة لأحد على وجه الأرض بموقف يقايض به ما يعطيه أو يدعم به هذه المقاومة، هذه المقاومة هي من الأرض وإلى الأرض، في سبيل الله ومن أجل راية الحق، ولذا كانت عصية وستبقى عصية ، لن تكون خاضعة للابتزاز أو للمساومة، ولن تكون خاضعة لرؤى سياسية باعت نفسها للأمريكي وتخدم بذلك المشروع الإسرائيلي، هذه المقاومة لن تكون في بازار السياسة، ولا نريد مقابلها لا مراكز ولا مناصب ولا إدارات ولا تزفيت طرقات ولا مستشفيات، فمن واجب الدولة أن تقدم كل هذا ، ومن واجب العالم أن يخضع لإرادة هذا الشعب اللبناني الأبي فيقبل بما قبله، ولا يمكن أبداً أن تكون هذه المقاومة في يوم من الأيام في بازار المساومة.
نحن ننبه ، بالأمس تم اغتيال أحد مسؤولي حركة الجهاد الإسلامي في فلسطين، والاغتيال حصل في لبنان، وفي بوابة الجنوب من صيدا الأبية المجاهدة، هذا الحدث ليس مجرد إغتيال ، كل الأصابع والبصمات تدل على أن إسرائيل وراءه ، لكن من دلالات هذا الحدث أن إسرائيل لها عملاء في لبنان يسرحون ويمرحون ، ولها زبانية يعملون لرؤيتها السياسية والعملية، ولها استفادات كثيرة من الأجواء السياسية الموبوءة التي يسببها البعض في لبنان، ولها محلٌ في عمليات كثيرة سبقت هذا الاغتيال، هل يلتفت المعنيون في كل المواقع إلى أن إسرائيل لا زالت موجودة وأنها تشكل خطراً على لبنان، ويزيحون البوصلة قليلاً من المحل الخطأ إلى المحل الصحيح ، بأن يقولوا بأن إسرائيل تعيث فساداً في لبنان، وأنها خطرٌ حقيقي وعلينا جميعاً سياسيين وقوى أمنية وأحزاب أن نلتفت إلى هذا الخطر الإسرائيلي وأن نحسب له حساباً، لنتوجه من أجل الإعداد كي لا يدخل إلى المزيد من ساحتنا وكي لا يخرب بلدنا، هذه مسؤولية الجميع فعليهم أن يلتفتوا وأن يراعوا.
في الواقع نعيش مرارة كبرى لأن الدولة اللبنانية ألغت عيد التحرير بحجج واهية ، وإذا كان البعض يعتقد أنه بإلغاء هذا اليوم من التعطيل الاحتفالي سيسبب نسيان الأجيال لما أُنجز، وعندما نرى بعض وسائل الإعلام وبعض السياسيين وبعض المؤسسات وبعض القوى غائبين عن السمع كلياً في يوم التحرير وكأنه ليس موجوداً في هذا البلد ، فإن ظنوا أنهم بذلك يرفعون هذا اليوم من التأثير والبناء والفعالية وعيش الأجواء المعنوية الحقيقية التي تؤسس للمستقبل فهم واهمون، هذا اليوم هو يوم التحرير الأعظم الذي سجل فيه منعطفاً في تاريخ لبنان ، وسيبقى يوماً للتحرير عطلوا أو لم يعطلوا ، نحن نبني في العطلة وفي غيرها بالدماء والعطاءات وستثبت الأيام أن لبنان بعد التحرير ليس كلبنان قبل التحرير، لا عودة إلى الوراء ، سنبقى شامخي الرأس وسنبقى بالمرصاد لإسرائيل ولو كره الكافرون ولو كره المشركون ولو كره المنافقون، إسرائيل شرٌ مطلق وستبقى كذلك ، بورك بسواعد المجاهدين والمجاهدات لطرد إسرائيل.