لا تظنوا أن السلاح هو الذي يعطي القيمة ، الانسان هو الذي يُعطي القيمة للسلاح ، من كانت قيمته بسلاحه لا قيمة له ، ومن كانت قيمة سلاحه بموقفه الشريف النبيل الوطني ، فهذا هو صاحب القيمة ، من كان يعتمد على ارهاب الآخرين ليُثبت فكرته، نقول له بأن فكره وفكرته باطلان لا قيمة لهما ولا محل لهما في حياة الناس ، أما من أراد أن يُثبت فكره بانسانيته وصدقه وأخلاقه وحواره الايجابي مع الآخرين ، ومناقشة الندّ للندّ، فهذا ما نقول له بأنه قابل للتوفيق لأنه ينطلق من مبادئ صحيحة ومنطلقات شريفة ، وما انطلق الانسان من منطلقات شريفة إلا ونجح وربح وحقق موقعاً مهماً في لبنان وفي منطقته .
هذا المقام اليوم الذي ترَونه لحزب الله لم يأخذه منحةً من أحد ، وإنما حصل عليه بالتضحيات من أجل لبنان والأمة ، حصل على هذا الموقع بنظافة فكره وحسن أدائه ومنطقية طرحه وخدمته للناس ، حصل عليه لأنه كان في الميدان مع الفقراء والمعذّبين ، يُعطيهم مما أعطاه الله تعالى، ولا يستغل الدولة لمنافع فئوية ، ولا يحاول أن يقهر الآخرين ليستأثر بالخيرات، بل كان دائماً يعمل وفق قواعد واضحة ، يعمل للوفاق وللوحدة ولطرد الاجنبي ، ولاستقلال لبنان ، وليكون جزءًا لا يتجزأ من بناءٍ مستقبليٍّ متين. يمكننا أن نعيش مع بعضنا ، كلنا معنيُّون في لبنان ، فنحن في مركب واحد لا يمكن أن يستقر ويستقيم إلا بنا جميعاً ، ولا نقبل أن يكون هذا المركب قد استثنى أحداً ، نريد الجميع عندما يعملون للخير ، فللجميع خير وللجميع مكانة ، والبلد يسعُ الجميع، فلا محلّ للغلبة ولا نجاح لها ، ولا إمكانية لمصادرة حقوق الآخرين ، هذا هو المنطق الذي انطلق منه حزب الله ويستمر به.
اليوم إذا أردت أن توصِّف الصدق في لبنان ، يتبادر إلى ذهنك حزب الله، وإذا أردت أن توثّق السياسة النبيلة في لبنان ، يتبادر إلى ذهنك أن تذكر حزب الله ، ليس هناك من يُعطينا هذه الأوصاف ، كلا ، فسلوك شبابنا وشاباتنا هو الذي أعطانا هذه الأوصاف ، نحن لم نتخلّف يوماً عن كلمة أعطيناها ، ولم نتخلّ عن ميثاق التزمنا به ، ولم نخرّب تحالفاً دخلنا فيه ، ولم نقلْ ما لا نريده ولم نداهن أحدا ، كنا دائماً صريحين ، ما عندنا نقوله ، وموقفنا الذي نعتبر أنه لمصلحة الجميع ، نقوم به .
بالأمس انعقد هذا الاجتماع الكبير بين حزب الله والتيار الوطني الحر، وكان عنواناً جيداً للتوافق بين شريحتين كبيرتين ومؤثرتين في لبنان ، نحن نعلم أن البعض انزعج من الاتفاق لأن لا حياة له إلا بالتفرقة ، ولا حياة له إلا بالشرذمة على الساحة اللبنانية ، في السابق عندما قلنا أننا كحزب الله متحالفون مع حركة أمل ، بدءاً بالانتخابات وما قبل الانتخابات وما بعدها ، وكان التحالف متيناُ وقوياً ، سمعنا من ينتقد هذا التحالف تحت عنوان أننا نصادر حرية الآخرين ، كيف نصادر حرية الآخرين؟ اسألوا الناس ، اسألوا الشعب ، كلهم فرحون بهذا التحالف ، حتى المحايدون الذين لا يؤيدون لا حزب الله ولا حركة أمل ، يقولون بارك الله بكم ، نحن معكم لأننا نريد أن نكون موحّدين ، فالبعض كانوا متضايقين من هذا التحالف لأنه يحرمهم من أن يكسبوا على حساب الناس وعلى حساب التفرقة ، لن نرد على تلك الأصوات التي تصدر من هنا وهناك ، سنعمل بما يضمن وحدتنا وبما يمثّل تحالفاتنا واتفاقاتنا مع الاطراف الأخرى في لبنان ، لأننا نعتقد بأن لبنان المستقبل لا يمكن أن يُبنى إلا بأجواء وفاقية مع كل الأطراف الفاعلة والموجودة على الساحة ، أما إذا كانت العقلية عقلية تصفية حسابات أو كانت العقلية عقلية مصادرة دور وقوة الآخرين فهذا يعني أننا لن نعيش حالة استقرار سياسي، ولن يكون لبنان في حالة راحة ، نحن سنعمل بكل ما أوتينا من جهد وبكل ما أعطانا الله من تصميم وعزيمة ليكون الوفاق هو سيد الموقف في لبنان ، وسنعمل دائماً لنحفظ المقاومة حفظاً للبنان ولنحفظ تعاطينا وعلاقاتنا مع الآخرين حفظاً للبنان ، وسنؤكد دائماً أن هذه المسيرة الحسينية لا يمكن إلا أن تكون رابحة ومنتصرة لأنها على طريق الحق .