الموقف السياسي

الكلمة التي ألقاها نائب الأمين العام لحزب الله سماحة الشيخ نعيم قاسم في احتفال في منطقة المريجة في الليلة الثامنة من شهر محرم الحرام 1427

لا تظنوا أن السلاح هو الذي يعطي القيمة ، الانسان هو الذي يُعطي القيمة للسلاح ، من كانت قيمته بسلاحه لا قيمة له ، ومن كانت قيمة سلاحه بموقفه الشريف النبيل الوطني ، فهذا هو صاحب القيمة ،

لا تظنوا أن السلاح هو الذي يعطي القيمة ، الانسان هو الذي يُعطي القيمة للسلاح ، من كانت قيمته بسلاحه لا قيمة له ، ومن كانت قيمة سلاحه بموقفه الشريف النبيل الوطني ، فهذا هو صاحب القيمة ، من كان يعتمد على ارهاب الآخرين ليُثبت فكرته، نقول له بأن فكره وفكرته باطلان لا قيمة لهما ولا محل لهما في حياة الناس ، أما من أراد أن يُثبت فكره بانسانيته وصدقه وأخلاقه وحواره الايجابي مع الآخرين ، ومناقشة الندّ للندّ، فهذا ما نقول له بأنه قابل للتوفيق لأنه ينطلق من مبادئ صحيحة ومنطلقات شريفة ، وما انطلق الانسان من منطلقات شريفة إلا ونجح وربح وحقق موقعاً مهماً في لبنان وفي منطقته .

هذا المقام اليوم الذي ترَونه لحزب الله لم يأخذه منحةً من أحد ، وإنما حصل عليه بالتضحيات من أجل لبنان والأمة ، حصل على هذا الموقع بنظافة فكره وحسن أدائه ومنطقية طرحه وخدمته للناس ، حصل عليه لأنه كان في الميدان مع الفقراء والمعذّبين ، يُعطيهم مما أعطاه الله تعالى، ولا يستغل الدولة لمنافع فئوية ، ولا يحاول أن يقهر الآخرين ليستأثر بالخيرات، بل كان دائماً يعمل وفق قواعد واضحة ، يعمل للوفاق وللوحدة ولطرد الاجنبي ، ولاستقلال لبنان ، وليكون جزءًا لا يتجزأ من بناءٍ مستقبليٍّ متين. يمكننا أن نعيش مع بعضنا ، كلنا معنيُّون في لبنان ، فنحن في مركب واحد لا يمكن أن يستقر ويستقيم إلا بنا جميعاً ، ولا نقبل أن يكون هذا المركب قد استثنى أحداً ، نريد الجميع عندما يعملون للخير ، فللجميع خير وللجميع مكانة ، والبلد يسعُ الجميع، فلا محلّ للغلبة ولا نجاح لها ، ولا إمكانية لمصادرة حقوق الآخرين ، هذا هو المنطق الذي انطلق منه حزب الله ويستمر به.

اليوم إذا أردت أن توصِّف الصدق في لبنان ، يتبادر إلى ذهنك حزب الله، وإذا أردت أن توثّق السياسة النبيلة في لبنان ، يتبادر إلى ذهنك أن تذكر حزب الله ، ليس هناك من يُعطينا هذه الأوصاف ، كلا ، فسلوك شبابنا وشاباتنا هو الذي أعطانا هذه الأوصاف ، نحن لم نتخلّف يوماً عن كلمة أعطيناها ، ولم نتخلّ عن ميثاق التزمنا به ، ولم نخرّب تحالفاً دخلنا فيه ، ولم نقلْ ما لا نريده ولم نداهن أحدا ، كنا دائماً صريحين ، ما عندنا نقوله ، وموقفنا الذي نعتبر أنه لمصلحة الجميع ، نقوم به .

بالأمس انعقد هذا الاجتماع الكبير بين حزب الله والتيار الوطني الحر، وكان عنواناً جيداً للتوافق بين شريحتين كبيرتين ومؤثرتين في لبنان ، نحن نعلم أن البعض انزعج من الاتفاق لأن لا حياة له إلا بالتفرقة ، ولا حياة له إلا بالشرذمة على الساحة اللبنانية ، في السابق عندما قلنا أننا كحزب الله متحالفون مع حركة أمل ، بدءاً بالانتخابات وما قبل الانتخابات وما بعدها ، وكان التحالف متيناُ وقوياً ، سمعنا من ينتقد هذا التحالف تحت عنوان أننا نصادر حرية الآخرين ، كيف نصادر حرية الآخرين؟ اسألوا الناس ، اسألوا الشعب ، كلهم فرحون بهذا التحالف ، حتى المحايدون الذين لا يؤيدون لا حزب الله ولا حركة أمل ، يقولون بارك الله بكم ، نحن معكم لأننا نريد أن نكون موحّدين ، فالبعض كانوا متضايقين من هذا التحالف لأنه يحرمهم من أن يكسبوا على حساب الناس وعلى حساب التفرقة ، لن نرد على تلك الأصوات التي تصدر من هنا وهناك ، سنعمل بما يضمن وحدتنا وبما يمثّل تحالفاتنا واتفاقاتنا مع الاطراف الأخرى في لبنان ، لأننا نعتقد بأن لبنان المستقبل لا يمكن أن يُبنى إلا بأجواء وفاقية مع كل الأطراف الفاعلة والموجودة على الساحة ، أما إذا كانت العقلية عقلية تصفية حسابات أو كانت العقلية عقلية مصادرة دور وقوة الآخرين فهذا يعني أننا لن نعيش حالة استقرار سياسي، ولن يكون لبنان في حالة راحة ، نحن سنعمل بكل ما أوتينا من جهد وبكل ما أعطانا الله من تصميم وعزيمة ليكون الوفاق هو سيد الموقف في لبنان ، وسنعمل دائماً لنحفظ المقاومة حفظاً للبنان ولنحفظ تعاطينا وعلاقاتنا مع الآخرين حفظاً للبنان ، وسنؤكد دائماً أن هذه المسيرة الحسينية لا يمكن إلا أن تكون رابحة ومنتصرة لأنها على طريق الحق .