اكتشف فريق السلطة مؤخراً أنه لا يستطيع الانتخاب بالنصف زائد واحد لأنه مشكلة، ومعنى ذلك أنهم يريد إيجاد مأزق، وهذا الرئيس لن يكون رئيساً للبنان بل سيكون رئيساً لهم، سيبقى في كل يوم يدافع عن رئاسته خمسين أو ستين مرة ولن يصدقه أحد.
والحمد لله أن الله تعالى كفانا شر ما يمكن أن يحصل، وعدلوا عن النصف زائد واحد وتعقدت الأمور، حتى من التزم معهم دولياً سحب الالتزام فأصبحوا مكشوفين على المستوى الداخلي، ولم يعد عندهم قدرة لمواجهة هذا الأمر.
عندما كنا نقول بأننا تنازلنا وتراجعنا كنا نضع قاعدة لكل ذلك وهي التوافق والمشاركة، فلا المعارضة تستطيع أن تبني وطناً وحدها ولا الموالاة تستطيع ذلك.
تركيبة لبنان تقتضي أن نكون جميعاً معاً، ونحن حاضرون أن نكون جميعاً معاً، على الرغم من عدم ارتياح البعض للبعض الآخر، ولكن حتى تسير العجلة اللبنانية نضطر لحمل بعضنا البعض ، مع ذلك كانوا يرفضون، راهنوا على الخارج، وخاصة على الوصاية الأمريكية فتبين أن أمريكا لها حساباتها، فأمريكا لا تستشيرهم عندما تريد أن تقوم بعمل ما، فأمريكا تسمع وتوجه، ولكن لا تعطي سرها لأحد، وتغير بحسب مصالحها، فأمس رايس أمام كل العالم تقول أن ما فعلناه في أنابوليس هو مصلحة قومية أمريكية، دخلوا إلى العراق وقالوا أن احتلال العراق مصلحة قومية أمريكية ، تدخلوا في حرب لبنان وقالوا ولادة شرق أوسط جديد ومصلحة قومية أمريكية، فهم يريدون مصالحهم فقط ولا شيء غير ذلك.
ولطالما تساءل الناس عن إنجازات المعارضة وإنجازات الموالاة، كان المطلوب من المعارضة أن تصمد أمام هذا المد الهائل الدولي الإقليمي والمحلي، وكان المطلوب من الموالاة أن تقدم إنجازات وتتقدم إلى الأمام، الذي حصل أن المعارضة نجحت لأنها صمدت ، بينما هم كموالاة لم يقدموا أي إنجاز وتراجعوا تراجعاً تلو الآخر ففشلوا، من هنا إذا أردنا أن نقيم ما الذي حصل خلال سنة ونصف أقول لكم بكل صراحة: نحن كمعارضة مرتاحون أننا استطعنا أن نضع حداً للوصاية الأمريكية وأن نصمد وأن نحمي لبنان من الأغيار، أمَّا الموالاة فتعثروا عثرة بعد أخرى إلى أن وصلوا اليوم أنهم مختلفون فيما بينهم، حتى أن مشروعهم الجديد للوفاق يطرحونه من دون تصويت فيما بينهم، ويختلفون عبر وسائل الإعلام ويتنافسون على الزعامة، هناك مشكلة كبرى داخل 14 شباط لا نعلم متى تنفجر.
وهنا عليهم كموالاة أن يجيبوا الناس عندهم، لأن الناس ستسألهم : لماذا أضعتم الفرص؟ لماذا رفضتم كل ما دعيتم إليه من قبل المعارضة؟ لماذا لم تحلوا المشكلة بأقل الكلفة الممكنة؟ لماذا تعودون إلى الأفكار التي رفضتموها سابقاً؟ لماذا لا تعترفون أن موازين القوى ليست لمصلحتكم؟ لماذا لم تنظروا إلى شعبية المعارضة التي تتجاوز أكثر من نصف لبنان وكنتم غير مبالين بتأثيرهم وموقفهم ودورهم؟ هذه أسئلة ستطرحها الناس من جماعة الموالاة، لا أعلم ماذا سيجيبون، خاصة أنهم يواجهون معارضة شعبية عريضة ، ويواجهون الدستور التي يمنعهم من التفرد لوجود نصاب الثلثين، ويواجهون التجاذبات التي أثرت حتى الآن ولكن في النهاية لها حد.
الجماعة اليوم في وضع مربك، ويكتشفون تدريجياً بأن الأمور ستكون مرَّة بالنسبة إليهم، البعض كان ينظر ويقول: أنه إذا انتهت ولاية رئيس الجمهورية فإنَّ لدينا حكومة تستطيع أن تحل محل رئيس الجمهورية، يا جماعة كنا نقول لكم هذا فراغ في البلد لأن الحكومة غير شرعية ، فضلاً عن أن هذا العمل سيؤدي إلى توتر سياسي ، لأنه سيحرم طائفة من الموقع الأول، وسيسبب أزمات حقيقية في علاقات الطوائف مع بعضها البعض، فلم يسمعوا، منذ أسبوع هناك غليان على الأرض ، الناس لا تقبل بالفراغ، ولا أن تحرم من هذا الموقع الأساسي في الدستور، والناس لا تتحمل وجود فراغ مزدوج في الحكومة وفي الرئاسة في آنٍ معاً، ولذلك هم يتحملون هذه المسؤولية، وعليهم أن يعودوا إلى التوافق لأن التوافق هو الحل الحقيقي الذي يمكن أن يعالج شؤوننا في لبنان.
هذا التوافق هو حل للبنان وحل للمعارضة وحل للجميع، نحن ندعو إلى اقتناص الفرصة من أجل النهوض بلبنان بعد أن ضيعوا فرص مختلفة، وهنا لا داعي لأن يصنع البعض انتصارات وهمية، فالبعض يعتبر أنه أنجز إنجازاً كبيراً أن رئيس الجمهورية "إميل لحود" خرج من القصر الساعة 12 يوم 24 تشرين الثاني، مساكين فهو لم يخرج الساعة 12 إلاً خمس دقائق ليكمل ولايته، كان إنساناً شريفاً لأنه احترم الدستور ولم يأخذ حق غيره وترك المسؤولية على من يتحملون اختيار الرئيس الجديد، كنا نريد أن نرى تهديداتكم أنه سيخرج من القصر قبل وقته، كنا نريد أن نرى مواقفكم التي حاولت أن تمنعه ممارسة صلاحياته لأنه حصل تعديل للدستور والآن أنتم تطرحون تعديلاً للدستور! إذاً لا أحد يصنع إنجازات وهمية.
اليوم على المستوى الرئاسي، سمعنا بعض الأطراف السياسية تقول بأنها وافقت على ترشيح العماد ميشال سليمان بعد أن رفضت تسميته مراراً وتكراراً لمرات سابقة، وقرأنا عن رهانات مختلفة من خلال هذا الترشيح، في المقابل سمعنا موقفاً حازماً وواضحاً من العماد ميشال عون الذي تعاطى بإيجابية مع هذا الطرح وفتح الأبواب أمام هذا الخيار، نحن بدورنا كحزب الله انطلاقاً من رؤيتنا وموقعنا والتزامنا ونظرتنا الإيجابية إلى العماد ميشال سليمان وتقديرنا لموقف العماد ميشال عون نعتبر أن هذا الخيار هو خيار جدي، وتوجد فرصة لمناقشته للوصول إلى توافق في مسألة رئاسة الجمهورية بمتابعة الحيثيات التي تؤدي إلى أن نعرف إلى أين سنصل بهذه الانتخابات بناءً على الظروف الموضوعية ، وبناءً على ما هو مطروح. هذا الأمر يُبيِّن أننا دائماً مستعدون للوفاق، وأنه من غير وفاق لا يوجد حل.