لقوى السلطة رهانين في هذه المرحلة : الرهان الاول رهان إقليمي ينتظرون من خلاله التطورات التي يمكن أن تؤدي إلى اعتداء امريكي على إيران ، يمتدّ إلى المنطقة بأسهرها تحت عنوان أن هذا الاعتداء سيُسقط قوى الممانعة والمقاومة والاعتراض ، لتتحكم أمريكا بالمنطقة، فيأتي هؤلاء الادوات من أجل أن يتربّعوا ، ويكسبوا الثمار التي كانوا يتوقعونها نتيجة العدوان الاسرائيلي ، نحن نقول لهم : كما كانت ثماركم خاوية بعد العدوان الاسرائيلي ، ستكون ثماركم خاوية فيما لو حصل العدوان الامريكي ، وكما خرج المجاهدون أكثر قوة بعد عدوان تموز ، سيخرجون أكثر قوة بعد أي تطوّر في المنطقة ، لأن أمريكا جلب على منطقتنا ، ونحن أهل الديار ، وأهل الديار هم أرسخ وأقوى ، وباستطاعتهم أن يقدموا النموذج لحماية ديارهم من الاعداء ، وستُثبت التجربة كما أثبتت في السابق أن أمريكا الخائبة في العراق وأفغانستان وفلسطين ولبنان وفي كل المنطقة ، ستكون خائبة أكبر بإذن الله تعالى ، ولا نقول هذا الامر إدعاءً ، إنما هي التجارب التي أثبتت الحقائق ، فإذا كنتم تراهنون على تطورات المنطقة ، فننصحكم بأن رهانكم خاسر وفاشل ، ولن تصلوا إلى إي نتيجة ، بل ستتراجع إلى الوراء ، أما الرهان الثاني ، فهو انتظار الاستحقاق الرئاسي ، اعتقاداً منهم أن بإمكانهم انتخاب رئيس كيفما كان ، بأي عدد من أعداد المجلس النيابي ، طالما أن هناك خيمة دولية تُعطيهم الشرعية لهذا الرئيس ، فيسغنون بذلك عن الدستور اللبناني ، وعن الشرعية الوطنية ، ليأخذوا شرعية من مجلس الأمن وأمريكا ومن معهما . ولنكن واضحين ، إما أن يحصل الاستحقاق الرئاسي في لبنان ، عبر المجلس النيابي وفي جلسة الثلثين ، وإما أن لا يكون لكم رئيس للجمهورية حتى ولو رأيتم صنماً يمكن أن يقبل الاسترءاس ، لأننا لن ندع أحداً يخرق الدستور إلى هذا المقام ، وعندها سيكون لبنان بلا رئيس تختارونه ، أو عليكم أن تتفاهموا مع المعارضة الوطنية لاختيار الرئيس وفق آليات الدستور ، فإذا كانت رهانكم على الاستحقاق الرئاسي فلا تتعبوا أنفسكم ، وإذا منَّيتم النفس أن بإمكانكم الانتظار لأربعة أشهر ، فبهذه العقلية قد تنتظرون أكثر بكثير ، هل تعتقدون أن تفسير الدستور على مزاجكم يحلّ لكم المشكلة ؟ أو أن الدعم الدولي يحل المشكلة ؟ من كان حضوره في لبنان بدعم دولي من دون موافقة شعبية فهو بلا ظهر وبلا قوة ، أما من كان حضوره باختيار الناس وإرادة الناس ، فهذا هو الثابت ، نحن ندعوكم إلى لغة الشعب ، وإلى آراء الناس ، لا أن تعودوا إلى أمريكا ومن معها ، فالناس تحميكم ، أما أمريكا فهي تحمي مصالحها ، والناس تحيط بكم لإنقاذ لبنان، أما أمريكا فتخرِّب لبنان .
ماذا نفعل معهم ، حاولنا كل المحاولات الايجابية من أجل أن نتفاهم ونتعاون ، ولكنهم لا يريدون ذلك ، اعتقاداً منهم أن السيطرة والتأييد الدولي يمكن أن يحقق لهم شيئاً ، وعلى كلٍّ هم لن يربحوا ولن يحققوا ما يريدون ، وعلى كل حال اليوم توجد حكومة غير شرعية مغتصبة للسلطة ، وهي غير ذات صفة ، ولكنها بهذا الاغتصاب للسلطة تتحمل مسؤولية كل الانهيار وكل الآلام وكل المصائب ، التي حلّت وتحلّ على لبنان لأنهم هم الذين سرقوا السلطة، وحاولوا أن يأخذوها إلى حيث يريدون ، فغداً عندما يأتي الحساب لنتحدث عن انهيار اقتصادي أو عن أزمات اجتماعية ، أو عن قلق سياسي ، أو عن توتر بكل معايير التوتر، أو عن خراب وانهيار بكل معايير الخراب ، فأنتم الذين يتحمّلون المسؤولية أيها الممسكون بالسلطة غير الشرعية ، أيها الذين خطفوا إدارة لبنان وحكم لبنان ، بواسطة هذا العمل التي تقوم به الحكومة التي لا تحمل صفة قانونية . كل النتائج تتحمّلون مسؤوليتها ، واليوم أنت مسببوا القلق في لبنان ، ووجود بؤرة وبيئة متوترة يمكن أن يحصل فيها كل شيء، ويمكن أن تلعب فيها كل مخابرات العالم ، ويمكن أن يأتي إليها كل الجواسيس ، ويمكن أن يأخذ خيراتها كل السرّاق ، بسبب طريقة أدائكم من دون محاسبة ، ومن دون أن تعودوا إلى السلطات الدستورية ، هذا الامر تتحملون مسؤوليته اليوم وغداً ، واعلموا أننا سنبقى لكم بالمرصاد ، لن ندعكم تأخذون لبنان إلى حيث تريدون ، قد لا نتمكن في القريب العاجل أن نمنعكم من كل شيء ، ولكن على الأقل سنمنعكم من أن تأخذوا لبنان إلى الوصاية الامريكية وإلى المشروع الاسلائيلي . سنمنعكم من أن تحكموا حكماً يؤدي إلى سيطرة غير متكافئة وغير منسجة مع الواقع الشعبي .
قلنا لهم تعالوا لنتّفق على المستوى السياسي فنُنشئ حكومة الوحدة الوطنية ، رفضوا وقالوا بأن حكومة الوحدة الوطنية انتحار سياسي وخطر على لبنان ، تعالوا إلى انتخابات نيابية مبكرة ، حتى يُعيد الشعب الاختيار ، أنتم تقولون بأن شعبيتكم أكبر ، ولا تعترفون بما جرى في 10 كانون الاول ، ونحن نقول أن شعبيتنا أكبر ، ولا نعترف بنتيجة الانتخابات التي حصلت ضمن تحالفات خرجتم عنها ، إذاً الحل أن تجري انتخابات نيابية مبكرة ، وعندها من يفوز ، ليَحكم بالطريقة التي يريدها .
ما الذي تريديونه ؟ هم يريدون الاستعانة بكل العالم إلا بشعبهم لحكم لبنان ، هم يريدون الالتزام بما أعطوه من عهود والتزامات للادارة الامريكية ومن وراءها ، ونحن لا نتحدث من دون معلوات ومن دون اطلاع ، نحن نعلم الالتزامات التي قدموها ، هم قدموا التزاماً أن يكون لبنان في دائرة المحور الامريكي ، وفي خدمة الشرق الاوسط الجديد ، لن نقبل هذا ، لن يكون لبنان لا معبراً لأمريكا ، ولا متّكأً لها ولا مركزاً للتوطين ، ولن يكون في خدمة فئة على حساب فئات أخرى ، يجب أن يكون لبنان لجميع اللبنانيين .