الموقف السياسي

الكلمة التي ألقاها نائب الأمين العام لحزب الله سماحة الشيخ نعيم قاسم في ذكرى شهداء الجامعة اللبنانية في الجامعة اللبنانية كلية العلوم -الحدث في 21/2/2007،

ندعو تيار المستقبل إلى بدء مشوار جديد يبني لبنان الذي يعطي الجميع

لن نسمح لإسرائيل أن تجعل لبنان جزءً من احتلالها، ولن نسمح لأمريكا أن تجعله جزءً من مشروعها، ونحن نسأل كيف تحمون لبنان إذا كنتم لا تقبلون لا بالعدوان الإسرائيلي والاحتلال الأمريكي ؟ وهذا أمر وواقع، هنا أقول لكم: المقاومة ستبقى في الموقع الدفاعي، وستبقى على كامل جهوزيتها مع كل مستلزمات الدفاع كي لا تؤخذ على حين غرة، فنحن نعتبر أن المعركة مع إسرائيل لا زالت قائمة وعلينا أن نكون مستعدين، وأنا لا أتحدث عن معركة محتملة في القريب العاجل، لكن علينا أن نكون جاهزين لنمنع أي معركة ، فإذا حصلت في يوم من الأيام سنلقن إسرائيل درساً كما لقناها في عدوان تموز إن شاء الله لتعرف من تواجه.

وأحببت أن أعطيكم إحصائية لم تسمعوا بها بعد أمام كثرة التشويش الإسرائيلي والطيران الإسرائيلي، فإذا رغب البعض أن يعدّ الطلعات الجوية فسوف يتعب لأن كل يوم يوجد طلعات جوية ، اخواننا في المقاومة أحصوا من 20 تشرين الثاني إلى 5 شباط أي خلال شهرين ونصف خلال خمس وسبعين يوماً 384 خرق جوي بالطيران الحربي والاستطلاعي والأنواع الجوية الأخرى، و 14 خرق بري بتجاوز الخط الأزرق والعودة عنه بعد ذلك، أي إذا قسمنا العدد على عدد الأيام فالمعدل الوسطي هو 5 اعتداءات جوية من قبل إسرائيل خلال المدة التي ذكرتها، فهل هذا أمر مقبول، لماذا لا نسمع الصراخ ضد هذا الاعتداء الإسرائيلي؟ لماذا لا نرفع الصوت ونقول بأننا نرفض؟ لماذا لا تصدر التصريحات من هنا وهناك ، كلما صرَّحت أمريكا تصريحاً أساءت فيه ، أو صرَّح الإسرائيلي تصريحاً سيئاً أو كان هناك طلعة جوية واختراق للخط الأزرق! كأنهم نسوا أن لبنان بسمائه هو جزء من لبنان، بالنسبة إلينا الأرض والسماء والبحر هو لبنان وسيبقى لبنان شامخاً ، لبنان نحن جزء لا يتجزأ منه، نموت ولا يموت إن شاء الله تعالى.

نحن نعتبر أن طول الأزمة سببه داخلي وخارجي ، السبب الخارجي أمريكا التي تعتبر أن أي اتفاق بين اللبنانيين يعسّر ويصعب عليها الإمساك بالأدوات المحلية التي تعتمد عليها لتنفيذ سياستها، بمعنى آخر : يخرج لبنان من سيطرتها وهذا ما لا تريده.

والعامل الداخلي: يتمثل أساساً برمزين:

الأول لا يجد لزعامته استمرارية إلاَّ بالتسلط والغلبة والاختباء وراء الطوائف الكبرى.

والرمز الثاني: لم يصدق أنه أصبح جزءً من السلطة وهو خائف أن يخسرها، فتمسك بها على علّاتها كي لا يفقد موقعه الذي كان يحلم به دوماً. وبين متسلط ومتعلق تستمر الأزمة مع هذا الضغط الخارجي المتمثل بأمريكا.

تريدون أن تعرفوا موقفنا !لن أتحدث اليوم لا بالشعارات ولا أقول أنهم مخطئون وهم قالوا ونحن قلنا، سأشرحها لكم بشكل مفصل: وافقنا على مبدأ المحكمة ذات الطابع الدولي ، وقلنا أننا نريد نقاشها، فهرّبوها مرتين، واحدة يوم اغتيال النائب جبران تويني، وواحدة يوم جلسة التشاور، فما هو الداعي لتهريبها طالما أنكم واثقون بأنها ستُحاكم جنائياً، فإذاً تعالوا نناقشها معاً والنقاش يكون في مجلس الوزراء، لأننا بكل صراحة نريدها محكمة جنائية ولن نقبل بها لا اليوم ولا غداً فزاعة سياسية يستخدمها من في الداخل أو من في الخارج ، لقد سمعنا أصواتاً داخلية تريد أن تجعلها لعبة التوازن ومحاولة لتوازن الرعب، وسمعنا أيضاً في الخارج من يريد الاقتصاص من خلالها، نحن نريدها محكمة جنائية، تعالوا لنناقشها معاً ولتمر بشكل طبيعي بالقنوات التي يجب أن تمر بها.

وقلنا مراراً الحل يتطلب ثلاثة عناوين: أولاً : حكومة وحدة وطنية. ثانياً: المحكمة ذات الطابع الدولي. ثالثاً: إعادة انتاج السلطة. وإذا بنا نؤكد مراراً على أهمية هذه البنود، بالنسبة للحكومة، حكومة الوحدة الوطنية بالثلث الضامن ضرورية لإعادة بناء الثقة بين المسؤولين ولضبط إيقاع الأطراف فلا المعارضة تستطيع أن تأخذ البلد إلى حيث تريد، ولا الموالاة تستطيع أن تأخذ البلد إلى حيث تريد، لأننا مضطرون آمنا بذلك أم لم نؤمن ، ممن هو في داخل الحكومة أن نراجع بعضنا البعض وأن نتوافق مع بعضنا البعض، وهذه الحكومة هي التي ستقرر المحكمة وتضع برنامج إنتاج السلطة على طريق الحل من قانون للانتخابات وأمور أخرى كلها تدخل في الدائرة المرنة التي يمكن أن نتفاهم عليها والتي يمكن أن نصل بها إلى حل لكن لم يقبلوا. وفي المرحلة الأخيرة، المعارضة كانت واضحة دائماً ، جاء السيد عمر موسى وقال عندي حل، وافقنا عليه فلم يوافقوا عليه، وجاءت المبادرة أو الاتصالات الإيرانية السعودية وأوصلت إلينا أخبار حول طريقة الحل وقلنا أننا موافقون وقالوا بأنهم موافقون ثم غيَّر بعضهم تحت ضغوطات داخلية وخارجية ، إذاً ما الذي نفعله معهم؟ نحن نتنازل لمصلحة الحل ، ونحن واضحون لم نناور ولم نقل غير ما نريد، وأنا أؤكد لكم اليوم نحن قلنا نقبل بالحل بالتوازي والتوازن، ونقبل بالحل الذي ليس فيه غالب ولا مغلوب ، ولا تكون فيه مقايضة ولا صفقة، ولا يكون هناك رابح وخاسر، واعلموا أن لا حكومة من دون محكمة، فإذا كنتم خائفين على المحكمة بإمكانكم أن لا تسمحوا للحكومة ونحن نساعدكم على عدم تشكيلها، لكن إذا تقررت المحكمة بنقاش داخلي واتفقنا على بنودها ألا تفرض أن تمر بحكومة الوحدة الوطنية لتقررها ويعرف اللبنانيون جميعاً بمضمون هذه المحكمة فيسلِّموا طوعاً ، فمن كان متهماً أو شاهداً أو ما شابه ذلك . إذاً طريق المحكمة باتجاه الحكومة، إذا لم يكن هناك حكومة فلا يمكن أن يكون هناك محكمة، بالله عليكم : تريدون المحكمة أم لا تريدونها ؟ إن كنتم تريدونها فالحكومة ضرورية كي تمر المحكمة من خلالها، وإلاَّ كيف تطلبون محكمة بلا حكومة ، من سيحاكَم وكيف سيحاكَم ، وإذ بأصوات تخرج من هنا وهناك يهددوننا بأنها ستذهب إلى الفصل السابع، لمن لا يعلم نقول : بأن الفصل السابع هو استخدام القوة الدولية ضد دولة أو جماعة ، الفصل السابع ليس محكمة دولية ، وعندما يجد أنه مدان ومتهم من مجلس الأمن وهناك اعتداء عليه وفق الفصل السابع عندها سنصبح بأزمة أخرى لها علاقة بالدفاع عن الوطن وليس لها علاقة لا بالمحكمة ولا من يُدعى إلى المحكمة.

لقد أصبح الجمهور يعرف تماماً من الذي يعطل ومن الذي يعيق، وضحوا لنا ولا تشتغلوا على مشاعر الناس ، تعتبرون أن المحكمة تمس الطائفة السنية الكريمة ، من الذي يريد استهداف الطائفة السنية الكريمة ؟ قلنا مراراً وتكراراً إذا كان هناك مقاوم في المنطقة فأول مقاومة تسجَّل للطائفة السنية الكريمة ، نحن وإياها في مسرحٍ واحد وفي موقف واحد، لا تلعبوا على بعض الحساسيات الطائفية، نحن نريد المحكمة لكن محكمة جنائية تستقدم القاتل لا محكمة تنتقم من الأشخاص الذين يختلفون سياسياً مع الآخرين.

أختم بثلاث رسائل:

أولاً: نحن نعتبر أن أمريكا مربكة، لأنها فاشلة ولكن عليها أن تعلم أن من تعتمد عليهم في لبنان نحن نشهد والله أنهم أعطوا أقصى ما عندهم ولم يعودوا قادرين على العطاء، فحرام عليكم ارحموهم لأن لا طاقة لهم على العطاء بعد ولا طاقة لكم على الاستمرار والبلد يتدهور بإدارتهم وسيسجل التاريخ أنهم يتحملون المسؤولية.

ثانياً: المعارضة ليس لديها خيار إلاَّ لبنان وطناً للجميع ، وستستمر في خيارها، وبكل وضوح قدَّمت كل ما لديها فلا تنتظروا منها جديداً ، وفي الوقت نفسه لا تنتظروا منها أن ترجع إلى الوراء فلن نعطي من خلال العدوان السياسي ما لم نعطه من خلال العدوان العسكري.

ثالثاً: جواب الشراكة الحقيقية نتأمله بموقف حاسم من تيار المستقبل بالاستجابة للمبادرات وندعوهم إلى بدء مشوار جديد يبني لبنان الذي يعطي الجميع لنكون معاً .