من حقنا أن ندافع عن أنفسنا، من حقنا أن نكون أقوياء وأن ندافع عن بلدنا وأعراضنا، ولذا عندما قامت المقاومة الاسلامية قامت لتدافع وأخرجت إسرائيل دفاعاً عن لبنان، والآن تستمر المقاومة الاسلامية في إعداد نفسها لتكون في جهوزية دائمة، كي لا تغدرنا إسرائيل في يوم من الأيام، ومن حقنا أن نحافظ على قوة المقاومة، ومن أراد ضعفها إنما يريد تنفيذ مخطط أمريكي إسرائيلي وهو لا يعطي بديلاً. لماذا تريدون إضعاف المقاومة في لبنان ولمصلحة من؟ فإذا كانت لسيادة لبنان فسيادة لبنان بقوته وقوة جيشه ومقاومته، وإذا لم تكن كذلك فلن نطيعكم، ولن نقبل بآرائكم، ومن أراد أن يُناقش حقنا في الدفاع فنحن حاضرون للمناقشة، من أراد أن يناقش بطبيعة قوة لبنان وكيف ننظِّم مقاومته في دائرة هذه الدولة فنحن حاضرون لمناقشة تنظيم القوة التي تواجه إسرائيل، ولكن لا يحلمنَّ أحد أن يُنظِّم الضعف الذي يُعيد لبنان إلى الوراء ويجعله مسرحاً للإسرائيلي، ليدخل إليه ساعة يشاء ويعبث بأمنه ساعة يشاء، هذا الزمن قد ولّى، نحن اليوم في زمن لبنان القوي ولسنا في زمن لبنان الضعيف، ومن أراد قوته فنحن معه بكل التفاصيل التي تريح شركاءنا في الوطن ولو أغاظت أعداءنا من أمريكا وإسرائيل، ولكن ليس من المنطقة والطبيعي أبداً أن نطرح عناوين تؤدي إلى ضعف لبنان وخسارة لبنان بعد هذه الإنجازات الكبيرة التي تحققت بحمد الله تعالى.
كنا في السابق نقول دائماً تعالوا إلى الحل لأننا نريد الحل، وطرحنا عنواناً واحداً منذ سنة ونصف، اسمه حكومة الوحدة الوطنية مع الثلث الضامن، ولم يقبل فريق من اللبنانيين بهذا الأمر، ثم بعد شهور في موقع رئاسة الجمهورية طرحنا التوافق على الرئيس وحكومة الوحدة الوطنية وقانون الانتخابات التي تعيد انتاج السلطة، ووصلنا في نهاية المطاف في اتفاق الدوحة إلى هذه النتيجة، كان بالإمكان أن نصل إليها كاملة قبل ستة أشهر، وكان بالإمكان أن نصل إلى بعضها قبل سنة ونصف، وكانت هناك ضغوطات أمريكية وغير أمريكية على لبنان حتى لا يتّفق أبناؤه لأنهم يريدون وضع اليد على لبنان، لكن الحمد لله أنجزنا اتفاق الدوحة، وهو إنجاز كبير للبنان، لأنه أنهى مرحلة من النزاع الذي دخل على خطه دول إقليمية ودولية، ودخلنا إلى مرحلة جديدة يستطيع فيها الاطراف اللبنانيون أن يتصرفوا بطريقة تعيد إليه قوته ومنعته. لقد كشف اتفاق الدوحة للرأي العام بما لا يقبل الشك من الذي كان يريد الاتفاق ومن الذي كان صادقاً في الاتفاق، ومن الذي أغاظه الاتفاق وانزعج منه، لقد اتضح للرأي العام أن أمريكا لم تكن مرتاحة لاتفاق الدوحة، وعلَّقت تعليقات مريبة وهي تراهن اليوم على أن الانتخابات النيابية القادمة لن تُعطينا الأغلبية النيابية، وهذا يعني أنهم سوف يعملون بكل جهد من أجل وضع السموم في طريق هذا الاتفاق، لكن نحن نصرّ على إنجاح هذا الاتفاق، وأن نتابع وفق المؤسسات الدستورية وليخترْ الناس من يختارونه، عندها يتحمل الناس المسؤولية والمسؤولون كذلك، وهنا نقول بأننا أمام مرحلة جديدة: المهمة الأولى للحكومة اللبنانية القادمة في أن تعمل لوضع الخطط والبرامج الاقتصادية والاجتماعية للنهوض بلبنان، ولمعالجة الأزمات التي ترتّبت على كل المواطنين اللبنانيين، والمهمة الثانية أن تعالج كل القضايا في إطار المؤسسات وبشكل حواري يؤدي إلى التفاهم والتعاون كي تخرج النتائج من حكومة الوحدة الوطنية، أو من سبل الاتفاق بالطرق المختلفة سواء عبر لجنة الحوار أو غير ذلك برعاية رئيس اللجمهورية، من أجل أن نعمِّر بلدنا ونصنع هذا المستقبل.
وليكن معلوماً أننا نضع نصب أعيننا كحزب الله وكمقاومة أن العدو الاسرائيلي متربِّص، لم يرتحْ رغم هزيمته ولم يتوقف عن إعداد العدة رغم هزيمته، لكنه يرى بأمّ العين أن مقاومة الشعب اللبناني حاضرة وقوية ومستعدة، لذا يرتدع فما يردع العدو هو قوة المقاومة وقوة شعب لبنان وليس أي شيء آخر، لذا علينا أن نبقى على جهوزيتنا كي لا نُفاجأ بأي أمر.
وقد ثبت بما لا يقبل الشك أن المشاكل التي حصلت في لبنان في الآونة الأخيرة هي مشاكل سياسية، وأن الخلاف هو خلاف سياسي وما عالجناه في الدوحة هو خلاف سياسي على نقاط سياسية، ليس هناك خلاف مذهبي أو طائفي، لا بين السنة والشيعة ولا بين المسملين والمسيحيين، هؤلاء الذي حاولوا أخذ الموقف السياسي إلى الإطار المذهبي فشلوا، وسيفشلون دائماً إن شاء الله تعالى مهما كانت أبواقهم لأننا نؤمن بأن الخلاف المذهبي لا محل له في لبنان، والفتنة المذهبية لا يجوز أن تشقَّ طريقها لأي سبب، وسنكون دائماً بالمرصاد لهذا النوع من الفتن، أما الخلاف السياسي فهو خلاف مشروع في إطار المؤسسات.