وقد حضره مسؤول الوحدة الإجتماعية في حزب الله الأسير المحرَّر الشيخ عبد الكريم عبيد والنائب علي عمار والقيادي في التيار الوطني الحر حكمت ديب، ومما جاء فيها:
سنتابع من موقع القوة الذي يؤثر في معادلة التبادل، ومن موقع الصابر المحتسب الذي يثق بأنه سيصل إلى النتيجة، لن نتراجع ولن نتعب ولن نتخلى عن أسرانا مهما كلَّف ذلك من تضحيات، فالمسألة لا ترتبط بالعدد وإنما ترتبط بالموقف، وترتبط بالمنظومة الكاملة في مواجهة العدو الاسرائيلي. بناءً عليه، إذا كان البعض يعتقد أن طول المدة يمكن أن يؤثِّر على عزيمتنا فهو واهمٌ تماماً، إننا ننطلق في محاول التحرير لأسرانا ومعتقلينا من مبدأ أساس، وهو موقهم الإنساني، فنحن نحترم إنساننا ونعتبر أن قيمته عظيمة عند الله وعندنا، وبالتالي إذا أرادوا من موقع إنساني أن يُفرجوا عمّن لهم عندنا، فنحن حاضرون أيضاً من الموقع الإنساني، ولكن ضمن صفقة عادلة نستطيع من خلالها أن نُفرج عمّن يجب أن نُفرج عنهم، ولن نتخلى عن أيِّ أسير.
أما فيما يتعلَّق بالأحداث الأخيرة التي حصلت في منطقة كنيسة مار مخايل، والتي سبَّبت آلاماً وتركت تداعيات كثيرة. ما حصل منذ يومين ليس حادثة عادية، إن ما حصل هو جريمة مروِّعة ومجزرة رهيبة لا بدَّ أن نتعامل معها بحجمها، لن نتعامل معها بأنها مشكلة حصلت أو حادثة مرَّت ، لأن مجرياتها ونتائجها كبيرة جداً، ولا يمكن أن تمرَّ بسهولة. كيف بدأت المشكلة؟ مجموعة من الناس يعترضون على انقطاع التيار الكهربائي، وقد حصل مثل هذا الاعتراض مرات عديدة في أماكن ومناطق مختلفة، وكان الاعتراض ينتهي في ساعة أو ساعتين، ويُعالج بالطرق المناسبة فيصل الصوت إلى المعنيِّين، فيُعبِّر المتألم عن ألمه بهذه الصرخة وتنتهي المسألة عند هذا الحدّ، طبعاً لو كان مثل هذا التحرُّك المتكرِّر على المستوى المطلبي سواء كان من أجل الكهرباء أو الرغيف أو زيادة الرواتب أو الأزمة الإجتماعية أو المازوت وغيره قد حصل في أيِّ بلدٍ في العالم كان يمكن أن تستقيل الحكومة أو بعض المسؤولين من الوزراء أو تُفتح دفاتر المحاسبة من أجل الوصول إلى علاج، لكن هنا، كما تعبِّر الحكومة غير الشرعية بأساليب مختلفة، قد فقدت الإحساس بألم الناس، هي لم تعدْ تمتلك الشعور، هي أشبه بالمخدَّرة التي لا يرفُّ لها جفن، ولذا تتكرَّر مثل هذه الأعمال ولا تحصل الحلول، لكن هذا لا يبرِّر كائناً ما كان الدافع، وكائناً ما كان الإعتراض على شكل التحرُّك، أن يُطلق الرصاص على الصدور والقلوب والرؤوس وأن يسقط ستة شهداء وعشرات الجرحى ويحصل ما حصل، بهذه الطريقة المروِّعة للناس وللوطن في آنٍ معاً، مهما كانت الأسباب لا يستطيع أحد أن يبرِّر ما حصل على الإطلاق، وبالتالي هذا اعتداء وجريمة موصوفة، والوقائع تُشير بالإصبع وبالأدلة على بعض المرتكبين، لكن لا تُشير للآخرين، ما نريده من خلال التحقيق الجدِّي، أن يكون هناك كشف للمجرمين المتآمرين، وللمحرِّضين وللمسؤولين عن هذا الأمر، كائناً من كان وفي أي موقع كان، لأن الأمور ليست غامضة إلى درجة تجهيل الفاعل بالكامل، هناك مشاهد ووقائع تُثبت تماماً أن البعض يمكن إدانته فوراً، والبعض الآخر يحتاج إلى تدقيق وبحث.
نحن نعتبر أن الجيش اللبناني يتحمَّل المسؤولية كاملة في الكشف عن الحقيقة، لأنه هو الذي كان في الميدان، ولم يكن هناك أطراف أخرى، فكان يوجد المتظاهرون العزَّل وكان يوجد الجيش في المقابل، فهل اختبأ البعض وراء الجيش أم أن بعض عناصره أو ضبّاطه قاموا بعمل معيَّن، هذه مسائل لن نحسمها ولن نتحدث عنها الآن بانتظار نتائج التحقيق، لكن في المقابل كان هناك شهداء وجرحى، أي أنه لم يكن هناك طرفان ومعركة بين جهتين، لأنه لم يكن هناك معركة بالأصل، فقد كان هناك متظاهرون وهناك القوى الأمنية التي أرادت أن تضع حدًّا لهذا العمل. إذاً لم يكن هناك فئتان تواجه الواحدة الأخرى، وأكبر دليل على ذلك أن كل الشهداء والجرحى هم من هؤلاء المتظاهرين، من حقِّهم أن يعبِّروا عن رأيهم، ومن حقِّهم أن يقولوا حتى ولو لم يستمع إليهم المسؤولون، ومن حقِّهم أن ينفِّسوا عن هذه المرارة التي يشعرون بها عند نسائهم وأطفالهم، من حقِّهم أن يرفعوا الصوت، سواء أعجب هذا الأسلوب البعض أم لم يعجبهم فهذا له طريقة بالمتابعة، لكن أن نسمع تنظيرات من هنا وهناك فهذا أمرٌ مرفوض، وما يحصل اليوم في الاعتراض على المسألة المعيشية هو مسؤولية الحكومة اللاشرعية، التي تمسك بالبلد وتُمعن في تدهوره يوماً بعد يوم، هي المسؤولة على المستوى السياسي عن كل ما يحصل، عن التردِّي في كل شيء، وإذ بنا نسمعهم بأن لا إمكانية لديهم ولا يستطيعون، إذاً أنتم عاجزون ففتِّشوا عن طريقة لمعالجة العجز، أضيفوا إليكم شركاءكم في الوطن حتى تتمكَّنوا معاً من معالجة المسائل المختلفة، لا تتمسَّكوا بهذه الكرسي التي أسأتم إليها وأسأتم إلى الوطن.
نحن اليوم نطالب بأربعة أمور مترابطة: أولاً، نريد تحقيقاً يصل إلى نتيجة، أي أنه يحدِّد الفاعلين والمجرمين والمختبئين والمتورِّطين. ثانياً، أن يحصل بأسرع وقت. ثالثاً، أن تُكشف الحقائق أمام الناس، فلا نريد كولسة مع أحد، ويجب أن يعرف الناس من هم المسؤولين. رابعاً، سنتابع هذا الموضوع إلى النهاية إلى جانب عوائل الشهداء والجرحى ولن نتركهم، فالقضية اليوم أصبحت تعنينا وتعني حركة أمل، حتى ولو انطلقت التظاهرة دون أن يكون لنا ولحركة أمل أي علاقة بها، لكن بعد ما حصل نحن معنيُّون أن نجيب الناس، وأن نخفِّف من آلامهم، وليعلم من يريد أن يعلم أن لصبر الناس حدوداً، وبالتالي إذا كان هؤلاء الشرفاء انتظروا من أجل أن يتركوا للتحقيق مساره، فهذا لا يعني أن الأمر قد مرَّ وانتهى، هذا أمر يجب أن يُعالج، نحن أخذنا العهود من قيادة الجيش بالتحقيق وكشف الحقائق، وننتظر النتائج إذا لا نريد أن نبني على شيء غير المعطيات والأدلة التفصيلية، ونعلم تماماً بالمرارة الموجودة عند الناس، وقد بذلنا جهوداً كبيرة نحن وحركة أمل من أجل إقناع الناس بالصبر لكن على الآخرين أن يساعدونا، لأنه في النهاية هناك طاقة وحدود عند الناس. وهنا يجب أن نميِّز بين موقفنا السياسي من الحكومة اللاشرعية ومن الموالاة بأسرها، وبين مطالب الناس وجوعهم، كرَّرنا مراراً بأننا نملك الجرأة الكاملة لنقول بأن هذا التحرك لنا أو نتحمَّل مسؤوليته وذاك التحرك لا نتحمَّل مسؤوليته، لن نختبئ وراء مطالب الناس، وعندما نشارك الناس في قضايا مطلبية، سنقول هذه مطالب الناس ونحن نشاركهم، وعندما ننزل من أجل مطالب سياسية سنقول أن هذه مطالب سياسية ونحن هنا، قياداتنا وشعبنا وكل من يرتبط بنا، سيُصرِّح بالفم الملآن بأنه معنيٌّ بما يحصل، لأننا نملك الجرأة لذلك. الحمد لله ليس بيننا كذاب لمدة خمس وعشرون سنة ولا لمئات المرَّات حتى يكذب على الناس، وليس بيننا مجرم حتى يختبئ في الليالي المظلمة ويصطاد الأبرياء، نحن لم نكذب مرَّة واحدة ، وإذا أراد العدو أن يتَّهمنا في يوم من الأيام فسوف يقول: أتَّهمكم بالصدق يا حزب الله، وإذا أرادوا اختبارنا في المواقع المختلفة، نقول لهم لا داعي لأن تُتعبوا أنفسكم ، الآن أُعلن وبكل وضوح وصراحة، عندما نقرِّر التظاهر أو الاعتصام أو التعبير السياسي الشعبي سنفعل ذلك، الآن وفي المستقبل وسنتحمَّل كل النتائج، فكفى تهديداً وتهويلاً، فأنتم الذين لا تملكون إلا النقيق والنعيق والصراخ الذي يحرِّك المشاعر بشكل مؤلم دون أن تقدِّموا حلاًّ للناس، نحن نريد حلاًّ، فإذا وجدناه عن طريق التحرُّك الشعبي سنقوم به عن طريق التحرُّك الشعبي وسنقوم به، وسنقول لكم ولكل العالم : نحن هنا ولا نختبئ وراء أحد، لا وراء أمم متحدة ولا وراء أمريكا، ولا وراء بعض المستضعفين، سنكون في أول المسيرة وسنُعرِّض أنفسنا لكل مستلزمات المواجهة التي تتطلَّب إعطاء الناس حقوقهم مهما كانت التضحيات. وهنا أتعجَّب من أمر بعض المسؤولين الذين يحمِّلون الضحية المسؤولية، ألم يكن أشرف لبعض القيادات ولن أسمِّيها لأنها معروفة أن تطالب بالتحقيق وتنتظر نتائجه لتبني على الشيء مقتضاه، وأن ترسل رسالة مواساة لأهالي الشهداء والجرحى، وأن تهدِّئ من روعهم وأن تقول لهم بأننا لا نريد فتنة ولا نريد مشكلة، لعلَّ خطأً حصل أو أن طابوراً خامساً قد تدخَّل أو مشكلة معيَّنة قد طرأت، وبدل أن يفعلوا هذا بدأوا يقولون بدأوا يقولون إشهدوا لي عند الأمير بأني أوّل من رمى بسهم، لماذا؟ أنتم تعلمون أننا أكبر مساهم في دعم الجيش اللبناني من أجل تركيز وتعزيز السلم الأهلي في لبنان، فلا يزايدنَّ أحدٌ علينا، فلسنا من طالب بتغيير عقيدة الجيش، ولسنا من افتعل مشكلة معه وقنَّصناه عن المباني المرتفعة منذ سنة، ولسنا نحن الذين أسأنا إلى قيادته واتَّهمناها بأنها تمثِّل الوظيفة ولا يحقُّ لها أن تصرِّح، هذا كلام يُقال لغيرنا ولا يُقال لنا، وفي آنٍ معاً نملك الجرأة لنقول أن على المخطئ أن يعترف وعلى المذنب أن يُحاسب، وعلى المقصِّر المرتكب أن يأخذ جزاءه، كائناً من كان، فهذه ليست محاباة ولا تعمية للحقيقة، هكذا يجب أن نكون من أجل أن نبنيَ وطننا معاً. هنا أتألَّم من أولئك الذين رأيتهم على شاشات التلفزة يئنُّون ويتألمُّون على أشلاء إسرائيليين ولم يتألموا على ضحايا أبناء وطنهم وأبناء جلدتهم، والله هذا كله خزيٌ وعار، ألم تؤلمكم هذه المشاهد؟ ألم تؤلمكم الأم التي بكت ولدها وهو في ربيع عمره؟ ألم يؤلمكم الرجل الذي وقف أمام جثة ولده وهو لا يعرف كيف يُعبِّر من شدة الصدمة؟ ولاحظوا أن كل عوائل الشهداء والجرحى كانوا نموذجاً في الأدب والوعي السياسي، وكلهم طالب بانتظار نتيجة التحقيق، لأنهم ثكلى بينما الباقون مستأجرون، الذين ولوَلوا واتَّهموا وصاغوا ما أرادوا، لكن الحمد لله انكشفوا، وسأقول لكم من الآن، يمكن أن تسمعوا تصريحات كثيرة من هنا وهناك، ويطالبنا البعض لماذا لا تردُّون عليهم، فالبعض ردُّه من تصريحه لأنه عندما يتكلم تظهر السيئات في كلامه، ونحن نثق بشعبنا وناسنا ونعتبر أنهم واعون وهذه إحدى النقاط التي يتَّهموننا بها ويُعاتبونا عليها، وحتى الناس عندهم يتألَّمون من تصريحاتهم ولكنهم مضطرون أن يكونوا معهم في السياسة.
هنا أريد أن أقف عند بعض الدلالات التي رافقت الحادثة والجريمة المؤلمة: الدلالة الأولى، سمعنا من يقول بأن ما حصل هو بداية إستعادة لأحداث الفتنة بين المسلمين والمسيحيين سنة 1975، دليل على هذا أن هذه الأحداث حدثت في منطقة مار مخايل، والدليل الثاني أن بعض وسائل الاعلام تصوَّرت وجود تكسير ودخول إلى المنطقة الأخرى، وهو ما كشفه رئيس بلدية الشياح وبيَّن خطأهم، والدليل الثالث أن المتظاهرين هم من مذهب مسلم، وبالتالي جمَّعوا هذه المعطيات مع بعضها وربطوها بصياغة تبيَّن من خلالها أنها مقدمة لفتنة إسلامية مسيحية، مع أن كل الأمر هو عبارة عن بعض المتظاهرين وكان يمكن أن تنتهي التظاهرة في وقت قصير. على كل حال، نردُّ عليهم بثلاثة أمور: أولاً، الفتنة الإسلامية المسيحية والفتنة السنية الشيعية لا محلَّ لها عندنا كحزب الله ولا عند المعارضة بأسرها، ونحن نعلم غيظكم أن كل ما مرّ من تعقيدات لم يؤدي إلى الفتنة التي حاولتم صنعها، وأنتم معروفون بذلك، فلعن الله مُشعِل الفتنة، ولعن الله المتدفِّئ بنارها، وإن شاء الله لا نجعله يتدفَّأ بنارها، ثانياً التفاهم بين حزب الله والتيار الوطني الحر هو ليس تفاهماً على موضوعات، وليس تفاهماً لزمان محدَّد، وإنما هو تفاهم استراتيجي صامد صمود الجبال ومن يقترب منه سيكسر رأسه وسيبقى التفاهم. ثالثاً، الجنرال عون هو المفوَّ الأول من المعارضة، وعليكم أن تتفاوضوا معه إذا أردتم أن تصلوا إلى حل، وسنبقى وراءه في مسألة الحل. الدلالة الثانية، تحدثوا عن زجِّ الجيش في معركة مع المقاومة وشعب المقاومة، ومن الذي زجّ الجيش؟ والكل يعلم أننا كنَّا والجيش اللبناني معاً في مواجهة العدوان الإسرائيلي، وأننا ساهمنا لتعزيز السلم الأهلي لهذه المؤسسة التي نريدها أن تقوم بهذا الدور وهذا الواجب الوطني الكبير، نحن نردُّ عليهم بأن تحريضهم لن ينفع، والفتنة ممنوعة، وعدوُّنا المشترك هو إسرائيل ولو اغتاظ صغار إسرائيل في لبنان، ففي لبنان يوجد صغار لإسرائيل ولو امتنعنا مراراً وتكراراً عن تسميتهم، لكن أظنّ أنكم تعرفونهم جيداً. الدلالة الثالثة، قالوا أن ما حصل يُسرِّع الحل، أي حلّ؟ يعني يسرِّع الحل لفريق على حساب فريق، لأن فريق المعارضة سيشعر أنه محشور في الزاوية، وأن الجيش اللبناني أصبح ضدَّه ، والوضع الدولي كله يضغط، أنا أقول لكم أن ما حصل يُعيق الحلّ ولا يسرِّعه، ويبدو أن البعض لم يجرِِّبنا جيداً أو لم يفهم تجربته معنا، نحن أصحاب حقّ والمعارضة لا تتطالب إلا بحقِّها وصاحب الحق سلطان، وتعوَّدنا أن لا نكون على أبواب الزعماء ولا على أبواب الدول الكبرى، ولذلك سنأخذ حقَّنا كمعارضة ولو طال الزمن، وحتى لو بقيَ الأمر إلى الإنتخابات النيابية القادمة، فاعلموا أن الحلّ اليوم هو الحل الذي كان بالأمس وهو الحل الذي سيكون بعد سنة، الحل هو بالتوافق والمشاركة، فما لم يكن هناك توافق ومشاركة لا يوجد حلّ، وأنتم المسؤولون عن ذلك لأننا إيجابيون وأنتم تضعون العراقيل بطريقة أو بأخرى، فتحمَّلوا هذه المسؤولية بالكامل، واعلموا أن استحضار العالم بأسره ليضغط علينا لأننا أصحاب الأرض وأصحاب الحق، ولا نطالب إلا بما نستحقُّه بشكل واضح. الدلالة الرابعة، هي كثرة الصراخ الذي نسمعه من جماعة 14 شباط، بحث أنه كلَّما حدثت حادثة مباشرة تصدر التصريحات والبيانات ، والكلام واحد والكلمات موحَّدة، هؤلاء بكثرة صراخهم لن يضلِّلوا الرأي العام، ولن يزوِّروا الحقائق لأن الشرفاء يعرفون الحقائق جيداً، وسبقى نعتمد على رصيدنا من الناس حتى ولو اعتمدوا على العالم بأسره، وبالتالي لنا كل الفخر أننا في لبنان حقَّقنا هدفين كبيرين سيؤثران على كل الأهداف الأخرى، الهدف الأول أننا منعنا إسرائيل من أن تحقِّق نصراً في لبنان، وهو أول انتصار على إسرائيل منذ ستين سنة بهذه الصيغة وهذا فخر لنا، والهدف الثاني أننا منعنا الوصاية الأمريكية وسنمنعها لأن لبنان سيكون سيداً مستقلاً مع هؤلاء الشرفاء ولن يكون تبعاً لأمريكا ولو بقيَ فينا نقطة دم واحدة لطفل صغير عندنا.
في بعض الأحيان يعتقدون أنهم نجحوا معنا عندما يتَّهموننا بالمحور السوري الإيراني، هذه ليست تهمة فهؤلاء أحباؤنا وأخوتنا، أما أنتم إذا اتُّهمتم بالمحور الأمريكي الذي يصل إلى إسرائيل فهذه لعنة ستبقى تلاحقكم، وفي الواقع هذه ليست تهمة، هذه حقيقة أنتم تصرِّحون بها وأنتم تتحدثون عنها، أنتم تستعملون عبارات العلاقة بينكم وبين أمريكا، ولكنها لا تحترمكم فهي تُصدر الأمر تلو الأمر، وسأقول لكم مجدداً قولوا للأمريكيين كفى ضغطاً علينا فقد أعطينا ما عندنا، أنا أشفق لحالكم لأنهم يطلبون منكم أكثر من طاقتكم، فقولوا لهم ذلك قبل أن تنكشفوا أكثر. على كل حال المعارضة قوية، وصمدت وقد هالهم تماسكها وكثرة جمهورها ووطنيتها ومصداقيتها وجهادها، فهي كلٌّ متكامل صامد وصابر بكل أطيافها، واعلموا أنهم متألمون من نجاحات المعارضة التي منعتهم حتى الآن من أخذ البلد إلى الوصاية الأمريكية أو أن يحكموه كما يريدون .
أما المبادرة العربية، فنحن متجاوبون معها ونؤيِّد التصويب الذي حصل في اجتماع الجامعة العربية الأخير حيث أنّهم ردُّوا الأمر للتوافق بين اللبنانيين في مسألة الحكومة، وهذا يُعطيها فرصة جديدة من أجل أن تتحرك بإيجابية، وإذا استطاع أمين عام الجامعة العربية بأن يلتقط مفتاح الحل بشكل صحيح، أعتقد أنه يُنجز هذا الأمر بسرعة، والمفتاح هو لا غالب ولا مغلوب.
أختم كلامي بتحية إلى الشعب الفلسطيني المجاهد، إلى هؤلاء الأبطال الذين وقفوا في وجه نتائج أنابوليس المشؤوم، الذين فضحوا حكَّام العرب الخائفين والمتزلِّفين والذي تآمر بعضهم لمصلحة إسرائيل. نحن نعتبر أن الشعب الفلسطيني المجاهد قادر على تحقيق الإنجازات لأنه صاحب الحق والأرض ، ومسؤوليتنا جميعاً أن نكون إلى جانبه.