العنوان الأول يرتبط بتقرير الأمين العام للأمم المتحدة الذي يأخذه عن ممثله تيري رود لارسن فيما يتعلق بالقرار 1559، وهذا التقرير عن القرار 1559 هو تقرير صهيوني الهوى والدلائل، ويبتغي زرع الفتنة في لبنان، ويريد إثارة الفوضى وضرب الاستقرار، من خلال العناوين التي ساقها في حديثه عن الوضع في لبنان، ومن أجل أن أكون منصفاً سأذكر ثلاثة عناوين في هذا التقرير تبيِّن الانحياز الصارخ، الذي يؤدي إلى التشكيك بكل عمل مجلس الأمن والأمم المتحدة في مقاربتها لقضايا الشعوب. العنوان الأول: يستفيض التقرير في الحديث عن مزاعم خطيرة من دول مختلفة بتهريب السلاح، ثم يقول أن الأمم المتحدة لم تستطع أن تتأكد من هذا الأمر، إذاً لماذا تسوق مطالعة طويلة تعتمد فيها على مخابرات دولية ولست متأكداً من نتائجها؟ وتحشرها في تقرير يحاول أن يتعاطى مع المسألة وكأنها أمر محسوم بحسب هذه المزاعم الخطيرة؟ ثانياً: عندما يتحدث عن الخروقات الاسرائيلية يتحدث بلطافة فائقة، فهو يأسف للخروقات الإسرائيلية ويعتبر أنها تزيد من التوتر، ويحاول أن يُنجز الحديث عن الخروقات الإسرائيلية بعدة أسطر بينما يُطنب عندما يتحدث عن المقاومة وعن شعبنا وعن جهادنا ودورنا، وهو بذلك يعطي تغطية للانتهاكات الإسرائيلية، بينما كان المفروض أن تنعقد جلسات لمجلس الأمن من أجل محاسبة إسرائيل ومعاقبتها، ووضعها عند حدِّها لأنها تخترق الأجواء اللبنانية مرات ومرات في كل يوم، وتخترق القرار 1701، وتشكل خطراً في هذه المنطقة بأدائها وعملها. العنوان الثالث في تقرير لارسن: يتحدث عن حزب الله بأنه ميليشيا، ليقول بعدم اعترافه بالمقاومة، ومن أجل أن يعطي إسرائيل الذريعة الكافية لتتعاطى مع وجود خارجين عن القانون في لبنان، وكذلك يقول بأن حزب الله يهدد أمن اللبنانيين ويشكل خطراً على أداء الحكومة اللبنانية. ما هذا التقرير الذي يتحدث بلغة صهيونية ويحرِّض الشعب والحكومة على المقاومة، ويتدخل في شؤوننا الداخلية، بينما تُعتبر المقاومة هي الشرف وهي العزة، ولولاها لما خرجت إسرائيل ذليلة من لبنان، ولولاها لما أمكن أن نرفع رؤوسنا، فنحن لا ننتظر شهادة لا من لارسن ولا من الأمين العام للأمم المتحدة، تكفينا الشهادة من دماء الشهداء ومن شعبنا الأبي الطاهر الملتف حول المقاومة.
العنوان الثاني يرتبط بإسرائيل: إسرائيل تهدد ساعة تشاء ثم تسحب تهديدها ساعة تشاء، بالأمس قال باراك بأن الصيف سيكون بارداً، أي أنه يطمئن أنه لا توجد حرب في هذا الصيف من قبل إسرائيل، وقبل شهر تقريباً كان يُزبد ويُرعد هو ونتنياهو وبيريز وكل الجوقة الإسرائيلية بأن الحرب محتملة وأنها قائمة، هو يريد أن يُرسل رسالة للبنانيين وللعالم ليقول بأن إسرائيل كيان حربي، يريد إثبات وجوده واستمراره من خلال الأعمال العدوانية، والتهديد بالحرب والسلم وأن قرار الحرب والسلم بيد إسرائيل. كان الأولى هنا أن نسمع تصريحات من دول العالم أو مواقف تتحدث عن هذا الخطر الإسرائيلي تجاه لبنان، وكنت أتمنى لو أني أسمع من بعض الساسة اللبنانيين انتقاداً لإسرائيل على خروقاتها وعلى أعمالها العدوانية تجاه لبنان، ألا يرون أن إسرائيل خطر حقيقي على لبنان؟ إسرائيل تخترق الأجواء وتحاول أن تغيِّر في معالم الحدود اللبنانية الفلسطينية، وتهدد بين يوم وآخر بالحرب والعدوان، وتقوم بأعمال تجسسية واغتيالات وأعمال عدوانية بحق لبنان، ألا تشكِّل إسرائيل خطراً؟ من حقِّنا بل أقول من واجبنا أن نستعد استعداداً كاملاً لمواجهة إسرائيل بكل الإمكانات والأساليب والوسائل، ولا يحق لأحد في العالم أن يفرض علينا ضوابط فيما نختاره لمواجهة هذا العدو الإسرائيلي، ألا ترون السلاح يدخل إلى إسرائيل من كل حدبٍ وصوب؟ ألا ترون الإمكانات الضخمة التي تعطيها أمريكا للعدو الإسرائيلي في مجال الطيران والقذائف والصواريخ والمدمرات؟ لماذا لا يكون الأمر مستهجناً وإسرائيل تملك أكثر من مئتي رأس نووي؟ بينما عندما يكون الحديث عن المقاومة وقدرات المقاومة فإن الدنيا تقوم ولا تقعد! نحن نصرَّ على البقاء في الميدان، لأننا لن نترك لبنان ضعيفاً أمام إسرائيل، سيبقى قوياً شامخاً رغب من رغب ورفض من رفض، وبعد أن قدمنا الشهداء لن نخونهم ولن نخون الأمانة، سنبقى حاضرين في الميدان، وهنا لا بدَّ أن نوجِّه تحية كبيرة إلى الثلاثي الشريف المقاوم، إلى الجيش والشعب والمقاومة، لأن التلاحم بينهم أثبت قوة وحضور المقاومة، وأخرس الذين لا يتمكنون من مواجهة هذا التلاحم القوي في مواجهة العدو الإسرائيلي.
نحن لا نعتبر إسرائيل خطر علينا في لبنان فقط، بل هي خطر على الدول العربية والدول الإسلامية، وكذلك على الدول الغربية بأسرها، ألم يرَ الغرب كيف أن إسرائيل استخدمت جوازات السفر للاغتيال في دبي، واستخدمت جوازات السفر الأوروبية والأمريكية للقيام بأعمال عدوانية في لبنان وسوريا والأردن والمناطق المختلفة في هذه المنطقة؟ ماذا فعلت هذه الدول؟ كيف حاسبت إسرائيل؟ إذا بقيَت متراخية كذلك فإن إسرائيل ستصبح في عقر دار أوروبا وأمريكا مؤذية ومضرَّة ومسببة لعدم الاستقرار.
العنوان الثالث: عقدنا اتفاقاً بين حزب الله وحركة أمل من أجل الانتخابات البلدية وهذا الاتفاق هو اتفاق مهم جداً، وهو يترجم عملية التحالف المتينة بين حركة أمل وحزب الله. هذا الاتفاق أكبر من مجرد اتفاق العائلات والمحازبين والقوى السياسية في قرية من القرى، هذا الاتفاق له امتدادات وله نتائج، هو يعبِّر عن رؤية ثلاثية الأبعاد في البناء للمستقبل وليس للحاضر فقط، فأولاً يظهِّر الوحدة والتماسك بين جمهورنا وشعبنا في مواجهة الاستحقاقات على أنواعها المختلفة، ثانياً يدعِّم الاستقرار الشعبي والسياسي في قرانا وبلداتنا لنكون جاهزين لما يمكن أن يواجهنا من تحديات، ثالثاً يشكِّل قوة ثابتة تحيط بالمقاومة وتعطيها الدعم الأكيد لتستمر في صلابتها في مواجهة أي استحقاقات قادمة. نحن نؤكد أن هذا الاتفاق هو اتفاق للاستراتيجيا وللمستقبل ولقوة التماسك، حتى لو نشأ في بعض الأحيان في بعض البلدات أحياناً عن هذا الاتفاق أنهم أخذوا حقَّهم أو لم أخذوا حقَّهم، لكن المهم أن نبقى أقوياء متماسكين.
العنوان الرابع: نرسل تحية خاصة إلى هذا المشهد الاحتفالي الكبير في السفارة السورية في لبنان، ونهنئ جميع الحاضرين من المعارضة والموالاة، ونحن نعتبر أن ما جرى في السفارة هو استفتاء لمصلحة العلاقة المميزة اللبنانية السورية، ولطالما قلنا في عز الأزمة أننا نؤكد على العلاقات اللبنانية السورية المميزة في كل شيء، وكان البعض يصرُّ أنه يريد أن يتَّخذ من سوريا عدو، لكن الحمد لله تعالى استفاق من استفاق ولحق من اضطر وسكت من شعر أن كلامه لا يجدي ولا ينفع، الحمد لله أنهم جميعاً في ميدان العلاقات اللبنانية السورية المميزة، التي نأمل أن يصبح تميُّزها علامة فارقة في هذه المنطقة العربية لمصلحة لبنان وسوريا