الموقف السياسي

الكلمة التي ألقاها في الليلة الثامنة من ليالي عاشوراء 1431 في البسطا التحتا في 24/12/2009

صراخ من يحاول إطلاق السهام على المقاومة اليوم هو صراخ في الفراغ لا يسمعه أحد

لولا التربية على جهاد الحسين(ع) لما نشأت المقاومة الإسلامية، ولما رأيتم هؤلاء الشباب الشجعان، ولما رأيتم النساء الصابرات المعطاءات في حقل العمل لدعم المقاومة، هذا كله من خيرات وبركات الإمام الحسين(ع).

في لبنان عندما نفكر بهذه العناوين الكبيرة نستصغر بعض العناوين الصغيرة التي يحاول البعض أن يثيرها، ولكن لا بدَّ أحياناً أن نوضِّح ونبيِّن للرأي العام بعض الحقائق، القرار المسمى 1559 ولد ميتاً وقلنا هذا عندما ولد، ولسنا معنيين به لا من قريب ولا من بعيد، فهو قرار ميت لا حياة له، وليست لديه قابلية أن يكون مطية للاستثمار الداخلي أو الخارجي، فمن حمله وسار به حمل ميتاً يعطيه عبئاً إضافياً في حمله بدل أن يرفعه في مشواره.

إذا كان المقصود بإثارة القرار 1559 الالتفاف على المقاومة وتوجيه السهام إليها لاثبات وجود هؤلاء الذين يطلقون السهام، فنقول لهم: صراخكم في الفراغ لا يسمعه أحد، ولا يؤدي إلى أي ثمرة، لأن التجربة أثبتت دور المقاومة ونجاحات المقاومة، والتحرير حصل على يديها ويدي مجاهديها، وهي أوصلتنا إلى النتائج العظيمة والبركات الكبيرة التي حصلنا عليها لمصلحة لبنان.

لبنان حصل على نتائج كبيرة وكثيرة ببركة نجاحات المقاومة، على الأقل طردت أمريكا من بوابة الشرق الأوسط الجديد بدل أن تدخل إليها وتصنعها من لبنان، انهزمت إسرائيل وبقي لبنان شامخاً رافع الرأس لم تتمكن إسرائيل من اسثماره واحتكاره والسيطرة عليه، استطعنا أن ننجز انتخاباً واختياراً لرئيس توافقي يجمع الناس، وتوفقنا لانتخابات نيابية سارت بشكل هادئ رغم المال السياسي، وقبلنا بنتائجها فكان قبولنا وسام النجاح لهذه الانتخابات مع كل نتائجها التي فيها خللٌ كبير، واستطعنا كذلك أن ننجز حكومة الوحدة الوطنية وأن نكون من الذين يمهدون الطريق ويسهلون لعودة العلاقات العربية العربية، ولعلاقات اللبنانية السورية، كل هذه الانجازات رافقتها المقاومة وأثَّرت فيها المقاومة، وهي أعمال عظيمة جداً، وبالتالي هذه الأعمال هي التي تدل على الوطنية الحقة ولا نحتاج إلى شهادات ولا ضغوطات حتى نرى ما هو الرد وكيفما نتصرف.

ما دمنا تسالمنا كلبنانيين على عقد مؤتمر للحوار، ودراسة الإستراتيجية الدفاعية في داخل مؤتمر الحوار، لماذا تُثار الإستراتيجية الدفاعية خارج مؤتمر الحوار؟ ولماذا تكون هذه البلبلة خارج مؤتمر الحوار؟ إذا أردنا أن نصل إلى نتيجة لا بدَّ أن نجلس على الطاولة وهي الآن نقطة وحيدة على طاولة الحوار، لكن هذا يجعلنا نتساءل مع هذه الاستعراضات الإعلامية المختلفة: هل يخافون نتيجة طاولة الحوار، ويعتقدون أنها ستثبت حق المقاومة بجيشها وشعبه ومجاهديها فيحاولون قطع الطريق مسبقاً على الجلوس على الطاولة لأن منطق المقاومة قوي ومتين بالدليل والبرهان والتجربة العملية، بينما المنطق الآخر يفتقر إلى الدليل وإلى الإقناع، إذا كنتم تحاولون القيام خطوة استباقية لإسقاط طاولة الحوار والاعتماد على الصراخ الإعلامي كبديل عن الطاولة، لن تنجحوا بالصراخ الإعلامي والطاولة هي الحل، وإذا لم تكن عندكم أدلة كافية فأعيدوا النظر بطريقة تفكيركم وأدائكم، ومن يتبع السياسة الخاطئة والسياسية التي تخسر لبنان والسياسة التي لا تنسجم مع المسار اللبناني الوحدوي، هو الذي سيخسر وسيخسر جماعته، وبالتالي سيجد أن رصيده بعد سنة أو سنتين قد ضعف كثيراً.

نحن حاضرون بالمنطق والدليل وأمام الناس أن نبيِّن كل الحقائق، والجمهور يرى ويسمع ويعلم من يحاول بناء مسيرة الدولة ومن يحاول تعطيلها، والجمهور يرى من الذي يمهد كل السبل لتعاون الأفرقاء ومن الذي يحاول أن يضع اسفيناً في هذا التعاون، على كل حال مرحلة خلط الأوراق مرَّت وانتهت والآن دور النتائج، فمن اعتقد أنه يستطيع أن يخلط الأوراق اليوم نقول له: (يرزقك الحجة والناس راجعة)، فاليوم يُنظر إلى النتائج، من ربح في مساره السياسي الآن قطف النتائج، ومن خسر في مساره السياسي فالآن قطف النتائج أيضاً، وبما أن الأوراق قد خُلطت فلم نعد كما كنا عليه قبل أربع سنوات، نحن اليوم في وضع جديد وتاريخ جديد ومسار جديد في لبنان، هذا المسار هو مسار الوحدة الوطنية والتفاهم ومحاولة بناء لبنان والتأكيد على دعم المقاومة لمواجهة الاحتلال الإسرائيلي.

نحن نقر بأننا استطعنا بحمد الله تعالى أن نزعج ونقلق ونعيق مشاريع أمريكا وإسرائيل في لبنان وفي المنطقة، بكل صراحة حزب الله عنده جماعة يحملون قناعات واضحة ومنطقية، وبالتالي نحن حضريون في مسار سياسي نبيل ومشرف، وهذا الذي أزعج أمريكا وإسرائيل ومن معهما، وهم قاموا بمحاولات كثيرة من أجل التشويش علينا، ومن أجل إسقاط هذا المشروع المقاوم النبيل، شوشوا علينا بدعاية الإرهاب فخرجنا من الدعاية مقاومين شرفاء يحبهم الناس في لبنان والعالم العربي والعالم الإسلامي وكل الأحرار في العالم، حاولوا أن يعزلونا عن مجتمعنا ليقولوا بأن جماعة بسيطة قليلة محاصرة في طائفة واحدة وإذ بالجسر تمتد بيننا وبين قوى سياسية وازنة في طوائف مختلفة، وبالتالي يتبيَّن أن الأكثرية الشعبية موجودة لدينا على قاعدة الإيمان بالمقاومة، حاولوا إضعاف معنوياتنا ولكننا خرجنا من حرب تموز وخرجنا من كل التضييق السياسي والإعلامي الذي حصل على كل المستويات أشداء أقوياء نرفع رؤوسنا ونفتخر بأعمالنا. على كل حال هذه المسيرة مسيرة محفوظة من قبل الله تعالى.