وذلك بحضور حشد من الفعاليات السياسية والمهنية والبلدية والنقابية. ومما جاء فيها:
اليوم استطاعت المقاومة أن تصوِّب الضوء على الخطر الحقيقي الذي نعيشه في منطقتنا وهو إسرائيل، وعاشت أمريكا والدول الأوروبية ومجلس الأمن قلقاً من الفضيحة، لأنهم ظنُّوا أنهم منذ سنة 1948 طبَّعوا واقع العرب ليتقبَّلوا إسرائيل واحدة منهم، فجاءت المقاومة لتكشف السر وتقول بأن إسرائيل مجرمة وقاتلة ومحتلة، تقتل الأطفال والنساء وتدمر البيوت، تستخدم القنابل العنقودية المحرمة، تقتل الأبرياء، وهذه فضيحة كبرى استطاعت المقاومة أن تسلِّط الضوء عليها، وأنجزت هذه المقاومة التحرير عام 2000 والانتصار عام 2006، وزمن الانتصارات بعد هذا التاريخ والذي نعيش في وهجه والذي سيستمر إن شاء الله تعالى.
نحن اليوم، شئنا أم أبينا، في حالة حرب يومية مع اسرائيل على المستوى السياسي والأمني والثقافي والاعلامي حتى لو لم نكن في حالة حرب عسكرية مباشرة، وهذه الحرب الاسرائيلية تُمارس علينا وعلى هذه المنطقة بأسرها، بإشراف ورعاية مباشرة من أمريكا وتغطية من مجلس الأمن، وعمل دؤوب من الدول الكبرى من أجل تلطيف أداء اسرائيل وتمرير سياساتها التوسُّعية، لكن مع كل ما تملكه إسرائيل من إمكانات نجحت المقاومة والجيش اللبناني والشعب اللبناني في إلحاق الهزائم المتتالية بإسرائيل، نعم ألحقنا الهزيمة بإسرائيل عسكرياً وأمنياً، لا تستهينوا بكشف شبكات التجسس الإسرائيلية حيث كان العميل منهم قد أمضى عشرين أو خمس وعشرين سنة من العمالة، هذه الشبكات التي تمَّ القبض عليها في مختلف الأراضي اللبنانية هزَّت كيان العدو الاسرائيلي داخلياً، وكشفت هشاشة قدراته وإمكاناته، ولا تستهينوا بكشف أجهزة التنصُّت بين قريتَي ميس الجبل وحولا في المنطقة الحدودية، هذا إنجاز نوعي كبير للمقاومة، حيث فضحت إسرائيل وكشفت إمكاناتها على الرغم مما لديها وما عندها، وبالتالي نحن في حالة مواجهة حقيقية في كل المواقع وفي كل الأدوار، وسنستمر إن شاء الله نترصَّد ونقف أمام هذه الهجمة الإسرائيلية. إسرائيل تمارس حرباً يومية، ألا تخترق أجواءنا يومياً، هل تعلمون ما معنى أن تأتي طائرة تجسُّس فيُعتبر ذلك خرقاً، والخرق هنا يعني عندما تدخل الطائرة الأجواء اللبنانية ولكن لا تعلمون متى تخرج، فهي تبقى في أجوائنا وقتاً طويلاً، فتصوِّر كل شيء وتتابع كل شيء على المستوى الأمني، هذا اعتداء على لبنان، كيف نفعل في مواجهة هذه الاعتداءات، هل نتفرَّج؟ يجب أن نواجه، ونحن في موقع المواجهة، وفي موقع الجهوزية لنمنع إسرائيل من أن تحقِّق أهدافها، أو أن تحقِّق أهداف عدوانها إذا قرَّرت أن تقوم به في يوم من الأيام، وبالتالي أولئك الذين لا تعجبهم هذه المواجهة، نسألهم: ماذا تفعلون في مواجهة إسرائيل؟ ماذا تقولون عن اعتداءاتها؟ لقد فاجأني أن بعض من اطلع على كشف أجهزة التجسس الاسرائيلية، لم يتحمل أن ينتقد إسرائيل لأنها خرقت القرار 1701، بل اعتبر أن كل الأطراف تخرق القرار 1701، على أساس أن في لبنان أناس حياديون! ليس لهم علاقة لا بنا ولا بإسرائيل، موضوعيون جداً، فيعتبرون أننا وإسرائيل في ذات الخانة في مجال الخروقات، هؤلاء مكشوفون على كل حال، فلو أتتهم معجزات السماء لن يغيِّروا ولن يبدِّلوا، لأن المصيبة في عمقهم وفي عقليتهم وطريقة تفكيرهم، هؤلاء لا يحتاجون إلى الدليل، لأن هؤلاء لو رأوا الشمس ساطعة لقالوا بأن شركة الكهرباء زادت من استهلاك الوقود فأنارت وهو ليس بنور الشمس.
العالم يرى اليوم المناورات الأمريكية الاسرائيلية، وهذه المناورات تؤشر إلى ثلاثة أمور: أولاً أن سياسة أمريكا هي سياسة الدعم المطلق لإسرائيل مع كل جرائمها واعتداءاتها من دون أي تحفُّظ. ثانياً، هي تشجيع لإسرائيل على أن تستمر في الاستيطان وفي العدوان وفي سلب فلسطين من أهلها. ثالثاً، توجد التوتر في المنطقة، استعداداً لأعمال حربية في يوم من الأيام، وتؤكد على أن التوتر هو السمة التي تزرعها أمريكا أينما حلَّت، وفتِّشوا عن مناطق التوتر في العالم ستجدون أمريكا موجودة وحاضرة. على هذا الأساس، كل الكلام عن التسوية السياسية في المنقطة سراب وخداع، وأوباما لا يختلف عن بوش، فالمضمون واحد، ولكن الشكل ملطَّف ومراوغ، ففي المضمون السياسي لم يتغيَّر شيء، تحدثوا كثيراً عن الضغط على إسرائيل من أجل إيقاف المستوطنات، فماذا كان الضغط على إسرائيل في الآخر؟ كان أن ألزموا أبو مازن أن يجلس مع نتنياهو في لقاء ثلاثي، ويقول نتنياهو نناقش من دون أي شروط، هذا ضغط على الفلسطينيين وليس على إسرائيل، قال يجب أن تتوقف إسرائيل من أجل استئناف المفاوضات، اليوم يضغطون على العرب بأن يجب أن تطبِّعوا لكي تكونوا شجعاناً وتحدوا إسرائيل بشجاعتكم. التسوية سراب، ونحن لسنا متحسِّرين على ذلك، لأننا لسنا مقتنعين أن هناك تسوية عادلة، لكن لمن يقول بأنه ينتظر حلاًّ سياسياً، نقول له: أي حلٍّ سياسي موجود مع إسرائيل وموجود مع هذه الإدارة الأمريكية أو غيرها مع كل هذا الدعم المطلق لإسرائيل.
ليكن معلوماً أنه لن يحمينا بعد الله تعالى إلا سواعدنا المقاومة، التي تقف بصلابة لتقاتل حين يحين الجد، وحين يتطلب الأمر القتال، وهي سواعد تنضم بشكل مباشر إلى سواعدكم في زراعى الأرض، فكما تزرعون النبات، يزرع المقاومة العزة والكرامة، وعندما نحمي أرضنا ونحن أهل لذلك إن شاء الله تعالى، لن نعتمد لا على مجلس الأمن ولا على أمريكا ولا على الكلام المعسول، سنتوكَّل على الله تعالى أولاً ثم سنعتمد على سواعدنا وبنادقنا، وسننتصر بإذن الله تعالى كما انتصرنا، ونحن نطرح ما لدينا وليقل لنا الآخرون ما لديهم من حلول أخرى، فقد رأينا الذل في العالم عندما تخلى المقاتلون عن السلاح، ولن نكرر هذه التجربة وقد رأينا بأم العين كيف نصرنا الله تعالى على إسرائيل.
أما القرارات الدولية، فهم لا يضعون نُظَّاراً على على القرارات التي لها علاقة بنا، ناظر القرار 1559 وناظر القرار 1701، لماذا ليس هناك ناظر للقرار 242 وللقرار 338 و425، فعندما يكون الناظر عندنا يعيِّنوه، أما إذا كان عند إسرائيل فلا يفعلون، ثم عندما يحلِّل الأمين العام للأمم المتحدة ومن معه ما الذي جرى، يعتبر أن المشكلة من المقاومة والمقاومين، ولا مشكلة من إسرائيل، فيتأسَّف على حوالي عشر آلاف خرق إسرائيلي، ولكن على حادثة واحدة لم يثبت أننا متهمون فيها، نصف التقرير أن هذا أمر خطير يستوجب التوقف عنده، عجيب أمرهم! هم لا يرَون إسرائيل، على كل حال من لا يرى إسرائيل نحن سنريه إياها وسنُري إسرائيل من نحن.
أما في الداخل، فمن يريد حكومة الوحدة الوطنية أصبح معروفاً، والكل أدلى برأيه، وإذا سألت الناس: مع من حكومة الوحدة الوطنية؟ فسيُشيرون إلى أغلب الفرقاء اللبنانيين. البعض لا يريد حكومة الوحدة الوطنية، يريد حكومة الأكثرية، ويريد حكومة تراعي نتائج الانتخابات، وحكومة تضع أسقف حتى لا تتشكل حكومة وحدة وطنية، هؤلاء الذين لا يريدون حكومة وحدة وطنية هم الذين يخرِّبون عليها، وهم الذين يُعيقون تشكيلها، وهم الذين يأخِّرونها ويضعون الشروط ويلعبون في الوقت الضائع، هؤلاء لا يريدون الحوار للوصول إلى نتيجة، قلبوا الحوار الهادئ الذي كان يمكن أن يصل إلى نتيجة قريبة إلى توتير سياسي وإعلامي لتأخير تشكيل الحكومة أو لتخريبها، لا زلنا على قناعتنا، الحوار الهادئ البنَّاء بين الأطراف التي تريد حكومة الوحدة الوطنية يمكن أن يصل إلى نتيجة، والذين يُعيقونها هم أولئك الذين لا يريدون حكومة الوحدة الوطنية، علينا جميعاً أن نضع لهم حدًّا، فالجميع مسؤول عن ذلك. نسأل الله تعالى أن يفتح على قلوب المعنيين حتى يسلكوا الطريق الصحيح للوصول إلى النتيجة المطلوبة.