وقد تحدث نائب رئيس جبهة العمل الاسلامي الشيخ عبد الناصر الجبري، وكانت كلمة لسماحة الشيخ قاسم فأكد أن الوحدة الاسلامية مقدمة للوحدة الوطنية والوحدة الوطنية مقدمة للوحدة الانسانية، وقال:
اعلموا أنه لولا هذه المقاومة الشريفة لدخلت إسرائيل مراراً وتكراراً إلى لبنان وقتلت واجتاحت وخرجت متى شاءت، لكن هذه المقاومة الشريفة ومعها الأهل الشرفاء والجيش اللبناني هم الذين أوقفوا إسرائيل عند حدها، فهي تحسب الآن ألف حساب قبل أن تقدم على أي خطوة، وتعمل في الخفاء خوفاً من ردود الفعل من المقاومين المجاهدين، هذا عزٌ لم يكن ليحصل للبنان لولا المقاومة، ولذا نحن متمسكون بها ونعتبرها عزنا وكرامتنا، وبالتالي نريد أن نبقى في المواجهة للدفاع والصمود والتحرير في آنٍ معاً، ولن ترهبنا تلك الإدعاءات التي تحاول أن تبرز بأننا خارجون عن القانون، أي قانون هذا في بلدٍ يحترم نفسه لا يحترم سيادته ولا يخرج المحتل من أرضه؟ نحن لنا قانون الشرفاء حيث يصبو كل واحد منا أن يكون مقاوماً، وعلينا أن نسأل الذي لم يقاوم لماذا لم تقم بواجبك في تحرير لبنان؟ هذا هو السؤال، وليس السؤال: لماذا تقاوم أيها المقاوم لتحرير أرضك؟
الحكومة اللبنانية، مرَّ تأليف الحكومة اللبنانية في الفترة السابقة بمرحلتين: المرحلة الأولى، مرحلة حوارية، أنتجت صيغة 15-5-10، وتم الاتفاق من خلالها بمراعاة التوازن السياسي في البلد، وقد أنتجت هذه الصيغة نتيجة مقبولة عند الموالاة والمعارضة ، وهي لم تكن لتحصل لولا التنازلات المتبادلة، وقد استمر البحث للوصول إلى هذه الصيغة حوالي الشهر تقريباً، بمعنى آخر التنازلات من أجل الصيغة كانت من الطرفين ولم تكن من طرف واحد.
أمَّا المرحلة الثانية، فهي المرحلة التي لم يكن فيها حوار على الإطلاق، وإنما منازلات إعلامية ولقاءات شكلية لم تتقدم خطوة واحدة وفي كل الجلسات الحوار الشكلي كان يكرر الأطراف ما عندهم فيقول الأول ما عنده، ويرد الثاني ما عنده ثم يتصافحون ويخرجون دون التقدم ولا أي خطوة واحدة، لأنه لا يوجد تنازلات ولا تقديم حلول ولا عروض، فإذا جمعنا المدة التي استغرقتها محاولة التأليف الأولى: ثلث المدة الأولى كانت حوار منتجاً، وثلثي المدة كان وقتاً ضائعة بسبب عدم الحوار، شهران بحوار وشهران من دون حوار، ولا أعلم إذا كان المطلوب أن تمر المدة بهذه الطريقة.
نحن كحزب الله متمسكون بحكومة الوحدة الوطنية لأربعة أسباب:
أولاً : لأن حكومة الوحدة الوطنية هي الحل الأنجح، الذي أثبت جدواه وترك آثاره في الاستقرار السياسي والأمني، وفي تعاطي الناس مع بعضهم بشكل يفتح الطريق إلى بعض المعالجات.
ثانياً: تطمئن حكومة الوحدة الوطنية القوى السياسية جميعها باشتراكها في حمل همِّ المسؤولية عن لبنان حتى لا يتفرد أحد أو جهة، وبالتالي الكل شركاء فيما يترتب على لبنان.
ثالثاً: يضيق إلى الحد الأقصى استخدام لبنان كساحة إقليمية أو دولية، لأن الدول الكبرى والدول الإقليمية لن تتوقف عن استخدام لبنان، لكن هذا يضيِّق قدرتهم على العمل في لبنان عندما نكون متفقين.
رابعاً: تدعم الاستقرار السياسي والأمني وتفتح باب المعالجة الاجتماعية والاقتصادية، وتدخل على الملفات الداخلية لمعالجتها.
لهذه الأسباب الأربعة نريد حكومة الوحدة الوطنية ولا أحد يحملها أسباب أخرى.
نحن سنتعامل مع التصريحات التي سمعناها في اليومين الأخيرين، والتي كانت متوترة ومصحوبة بشروط عقيمة، كأنها تصريحات تعبئة فراغ في الوقت الضائع، أي لن نتعامل معها لا بتوتر ولا استفزاز، وإن شاء الله عندما يكلف رئيس الحكومة يلغي هذا التكليف ما قبله ونبدأ على قاعدة الحوار وننسى ما سمعناه ونعتبر أننا فتحنا صفحة جديدة.
نحن نؤكد على أهمية التهدئة، وأهمية الحوار، ونمارس هذا الأمر، بينما نسمع دعوات للتهدئة ويكون كل الاستفزاز في المضمون السياسي وفي طريقة الكلام.
علينا أن ننتبه للموقف الأمريكي، لفتني صدور ثلاثة مواقف أمريكية خلال أقل من أربعة أيام: موقف عن وزارة الخارجية الأمريكية عبَّر عنه الناطق الرسمي عندما قال: لن نشعر بالقلق باعتذار الرئيس، وبالتالي كأن أمريكا تقول: بأنها مع تطويل الأزمة وليس في هذا مشكلة طالما أنها لم تحقق أهدافها. الموقف الثاني هو موقف مسؤول في وزارة الخارجية الأمريكية قال: يجب احترام نتائج الانتخابات والتي أفرزت أكثرية، وأفهم من هذا الموقف تحريض على عدم تشكيل حكومة وحدة وطنية. الموقف الثالث من المرشح الجمهوري الخاسر"ماكين" الذي قال أن المعارضة عطَّلت تشكيل الحكومة لتمسكها بوزارة الاتصالات، وبذلك هو يتحدث عن وجهة نظر أمريكا لأهمية الاتصالات بالنسبة إليه.
أتساءل : ماذا تعني هذه التعليمات الثلاثة؟ هل سيسمعها بعض اللبنانيين ويعملون على أساسها؟ أم أنها ستحفزهم لمعارضتها تأكيداً للوحدة الوطنية، نصيحتنا للرئيس المكلف ومصلحة لبنان أيضاً : أن يستفيد من ما مضى، وأن ينطلق من الصيغة التي تطلبت شهراً من الحوار ليعمل على أساسها، لأنه لا يوجد أي حل آخر يوصلنا إلى حكومة الوحدة الوطنية بأقل خسائر عند المعارضة وعند الموالاة من الصيغة التي وصلنا إليها. ومع اختيار الصيغة المتفق عليها ندعم خيار الوحدة الوطنية ومع غير الصيغة سنكون أمام حكومة لا شراكة فيها، وبالتالي سنكون أمام المجهول، وإلاَّ مع الإصرار على الحوار غير المنتج هذا يعني أن الوقت سيضيع وأن حكومة تصريف الأعمال سيطول وقتها وزمانها، فهل المطلوب أن تبقى حكومة تصريف الأعمال لأشهر قادمة؟ الجواب ليس عندي، آمل أن لا يكون كذلك، ولكن فلننتظر التكليف والتأليف، وإن شاء الله يلهم رب العالمين في هذا الشهر المبارك لمصلحة تأسيس هذه الحكومة، حكومة الوحدة الوطنية.